[11] ولما حضرته الوفاة ــ بأبي هو وأمي ــ قال: «ادعوا لي أخي»، فدعوا علياً، فقال: «ادن مني»، فدنا منه وأسنده إليه، فلم يزل كذلك وهو يكلمه حتىٰ فاضت نفسه الزكية، فأصابه بعض ريقه صلىٰ الله عليه وآله».

هذا الحديث موضوع([1]).

أخرجه ابن سعد([2])، أخبرنا محمد بن عمر، حدّثني عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن جدّه قال: قال رسول الله  في مرضه «ادعوا لي أخي». قال: فدعي له علي. فقال: «ادن منّي». فدنوت منه، فاستند إلي، فلم يزل مستنداً إلي، وإنه ليكلمني حتّىٰ إن بعض ريق النّبي  ليصيبني. ثمّ نزل برسول الله ، وثقل في حجري، فصحت: يا عبّاس! أدركني فإني هالكٌ! فجاء العبّاس، فكان جهدهما جميعاً أن أضجعاه.

فيه ثلاث علل:

الأولىٰ: فيه محمد بن عمر الواقدي وهو متهم بالكذب.

الثانية: عبد الله بن محمد بن عمر العلوي قال عنه الحافظ ابن حجر: «مقبولٌ». أي حيث يتابع وإلا فلين الحديث([3]).

الثالثة: الإرسال، فمحمد بن عمر بن علي بن أبي طالب ثقةٌ إلا أن روايته عن جدّه مرسلةٌ([4]).

وله شاهدٌ من حديث عائشة رضي الله عنها كما أخرجه ابن عساكر([5]) من طريق الدّارقطني بسنده عن إسماعيل بن أبان، أخبرنا عبد الله بن مسلم الملائي، عن أبيه، عن إبراهيم، عن علقمة والأسود، عن عائشة قالت: قال رسول الله  ــ وهو في بيتها لما حضره الموت ــ: «ادعوا لي حبيبي». فدعوت له أبا بكر. فنظر إليه، ثمّ وضع رأسه. ثمّ قال: «ادعوا لي حبيبي». فدعوا له عمر. فلما نظر إليه، وضع رأسه. ثمّ قال: «ادعوا لي حبيبي». فقلت: ويلكم ادعوا لي علي بن أبي طالب، فوالله ما يريد غيره. فلما رآه أفرد الثوب الذي كان عليه، ثمّ أدخله فيه، فلم يزل يحتضنه حتّىٰ قبض ويده عليه.

قال الدّارقطني: «تفرّد به مسلمٌ؛ وهو غريبٌ من حديث ابنه، تفرّد به إسماعيل».

فيه عبد الله بن مسلم الملائي، وقد ذكره الحافظ المزّي في الرواة عن أبيه، ولم أعثر له علىٰ ترجمة.

وأبوه مسلمٌ بن كيسان الملائي الأعور متروكٌ؛ قاله النّسائي.

وكلام عبدالحسين هـٰذا قريبٌ من كلام المرجع الحاج ميرزا حسن الحائري الإحقاقي الذي سئل السؤال الآتي: لمّا مرض النبي  مرضه الذي توفّي فيه أوصىٰ إلىٰ أخيه وابن عمّه أمير المؤمنين قائلاً: «إذا فاضت نفسي المقدسة فتناولها بيدك وامسح بها وجهك». فما معنىٰ إفاضة النفس وتناولها بيد علي ومسحها بوجهه؟

فأجاب بقوله: «النفس هنا معناها الروح، يعني خرجت روحي من جسدي؛ فتبارك بها وامسح بها وجهك، ولإن روحه الزّكية أفضل روح وأشرف روح بين الأرواح، فهي مباركةٌ طيبةٌ، هـٰذا إذا كانت روحه البشرية. أمّا إذا كانت النفس اللاهوتية؛ فهي التي تنتقل من معصوم إلىٰ معصوم بعد وفاة كل منهم، وهي الملك المسدد الذي جاء في أخبارنا. وفي بعض الروايات تتجسّم كالزّبدة علىٰ شفتي الإمام عند وفاته فيتناولها الإمام من بعده بفمه ويأكلها. وفي بعضها تتجسّم كعصفور فيبلعها وصيه والإمام من بعده كما جرىٰ ذٰلك بين الإمامين الرّضا والجواد»([6]).

وأقول أيضاً: يبدو إن من وضع هـٰذا الحديث المكذوب «ادعوا لي أخي..» أراد أن ينسب لعلي الفضيلة الثّابتة لأمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنهما، حيث توفّي النّبي  في حجرتها وحجرها وعلىٰ صدرها، وتسوّكت بسواك وتسوّك بعدها  بالسّواك نفسه قبل أن يفارق الدنيا؛ ليكون ريقها آخر ما يمسّ ريقه، بنفسي هو وأبي وأمّي .

 

([1])        «السلسلة الضّعيفة» (10/646).

([2])       «الطبقات» (2/263).

([3])       «تقريب التهذيب» (3595).

([4])       انظر: «فتح الباري» لابن حجر (8/107).

([5])       «تاريخ دمشق» (42/393).

([6])       «الدين بين السائل والمجيب» (2/76).