نقد مراجعة الشيعي عبدالحسين رقم [34]

ذكر عبدالحسين في مراجعته سبعةً وعشرين حديثاً وأثراً يستدلّ بها علىٰ مكانة علي من النّبي ، وإنه أخوه دون سائر المسلمين، وإنه من محمد كهارون من موسىٰ ؟.

ونحن لا نناقش في فضل علي رضي الله عنه، بل قد روىٰ أهل السُّنة في فضل علي، منهم: البخاري ومسلمٌ في «صحيحيهما»، والتّرمذي في «جامعه»، وابن ماجه في «سننه»، والنّسائي في «الخصائص»، وأحمد في «فضائل الصّحابة»، والحاكم في «المستدرك»، وغيرهم كثيرٌ من أهل العلم والفضل. ويغنينا الصّحيح الثّابت عن الضّعيف والمنكر والمكذوب.

وها هي دراسةٌ للأحاديث والآثار السّبع والعشرين التي ذكرها، مع بيان درجتها من حيث الصّحّة والضّعف، وما تدلُّ عليه، والله المستعان.

[1] حديث: «إنما سميتهم بأسماء ولد هارون: شبر، وشبير، ومشبر».

هذا الحديث ضعيف.

أخرجه البخاري في «التاريخ»([1])، والطّبراني([2])، من طريق يحيىٰ الحمّاني، حدّثنا عمرو بن حريث، عن برذعة بن عبدالرّحمن، عن أبي الخليل، عن سلمان الفارسي مرفوعاً، بلفظ: «سمّىٰ هارون ابنيه: شبّراً، وشبيراً، وإني سمّيت ابني الحسن والحسين، كما سمّىٰ به هارون ابنيه».

قال البخاري: «إسناده مجهولٌ»، وله علّتان:

الأولىٰ: فيه برذعة بن عبدالرّحمن، قال الذهبي: «منكر الحديث بمرّة»([3]). وقال الحافظ ابن حجر: «له مناكير»([4]).

والثانية: فيه عمرو بن حريث، قال ابن عدي ــ فيما نقله عنه الحافظ ابن حجر([5]) ــ: «مجهول».

وذكر الألباني له شاهداً من حديث علي، ولفظه: لمّا ولد الحسن سمّيته حرباً، فجاء رسول الله  فقال: «أروني ابني، ما سمّيتموه؟» قال: قلت: حرباً. قال: «بل هو حسنٌ». فلمّا ولد الحسين سمّيته حرباً، فجاء رسول الله  فقال: «أروني ابني، ما سمّيتموه؟» قال: قلت: حرباً. قال: «بل هو حسينٌ»، فلمّا ولد الثّالث سمّيته حرباً، فجاء النّبي  فقال: «أروني ابني، ما سمّيتموه؟» قلت: حرباً. قال: «بل هو محسنٌ»، ثمّ قال: «سمّيتهم بأسماء ولد هارون: شبّر، وشبير، ومشبّر».

أخرجه أحمد([6])، والبخاري في «التاريخ»([7])، والطّيالسي([8])، وابن حبّان([9])، والطّبراني([10])، والحاكم([11])، من طرق عن أبي إسحاق، عن هانئ بن هانئ، عن علي، به.

قال الحاكم: «صحيح الإسناد»، وسكت عنه الذهبي!

وقال الألباني: «فإن هانئاً هذا لم يرو عنه غير أبي إسحاق وحده، ولازمه أنه مجهولٌ، وهذا ما صرّح به الإمام ابن المديني، كما صرّح بذلك الذهبي نفسه وغيره. وقال الشّافعي: «لا يعرف، وأهل العلم بالحديث لا يثبتون حديثه لجهالة حاله»؛ كما في «التهذيب». وقال النّسائي: «ليس به بأسٌ». وذكره ابن حبّان في «الثقات»، وهو مشهورٌ بتساهله في التوثيق.وقال الحافظ ابن حجر: «مستورٌ»».

وأبو إسحاق السّبيعي مدلّسٌ مختلطٌ وقد عنعنه.

وأخرجه الطّبراني([12]) من طريق يحيىٰ بن عيسىٰ الرّملي التّميمي، أخبرنا الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، قال: قال علي: كنت رجلاً أحبّ الحرب، فلمّا ولد الحسن هممت أن أسمّيه حرباً، فسمّاه رسول الله  الحسن، فلمّا ولد الحسين هممت أن أسمّيه حرباً، فسمّاه رسول الله  الحسين، وقال : «إني سمّيت ابني هذين باسم ابني هارون: شبّراً، وشبيراً».

قال الألباني: «وهذا إسنادٌ ضعيف منقطعٌ؛ سالم بن أبي الجعد عن علي مرسلٌ؛ كما قال أبو زرعة، والرّملي صدوقٌ يخطئ؛ كما قال الحافظ».

قلت: ويعارض ما تقدّم حديثان:

الأوّل: ما رواه إسماعيل بن عبد الله بن زرارة الرّقّي، حدّثنا عبد الله بن محمد بن عقيل، عن محمد بن علي، عن علي رضي الله عنه: إنه سمّىٰ ابنه الأكبر حمزة، وسمّىٰ حسيناً جعفراً، باسم عمّه، فسمّاهما رسول الله  حسناً وحسيناً.

أخرجه الطّبراني([13])، والحاكم([14]).

وفيه محمد بن علي وهو الباقر، لم يلقَ علياً رضي الله عنه.

والثاني: ما رواه محمد بن فضيل، عن علي بن ميسّر، عن عمر بن عمير، عن عروة بن فيروز، عن سورة بنت مشرح، قالت: كنت فيمن حضر فاطمة حين ضربها المخاض في نسوة، فأتانا النّبي  فقال: «كيف هي؟». قلت: إنها لمجهودةٌ يا رسول الله! قال: «فإذا هي وضعت فلا تسبقيني فيه بشيء». قالت: فوضعت، فسرّوه، ولفّفوه في خرقة صفراء، فجاء رسول الله  فقال: «ما فعلت؟». فقلت: قد ولدت غلاماً وسررته ولففته في خرقة! قال: «عصيتيني؟» قالت: أعوذ بالله من معصية الله ومن غضب رسوله! قال: «ائتيني به»، فأتيته، فألقىٰ عنه الخرقة الصّفراء، ولفّه في خرقة بيضاء، وتفل في فيه، وألبأه بريقه، فجاء علي رضي الله عنه، فقال: «ما سمّيته يا علي؟». قال: سمّيته جعفراً يا رسول الله . قال: «لا، ولكن حسنٌ، وبعده حسينٌ، وأنت أبو حسن الخير».

أخرجه الطّبراني([15]).

قال الذهبي في ترجمة علي بن ميسر: «إسنادٌ مظلمٌ، والمتن باطلٌ»([16]).

وقال الهيثمي: «رواه الطّبراني بإسنادين في أحدهما عمر بن فيروز، وعمر بن عمير، ولم أعرفهما، وبقية رجاله وثّقوا»([17]).

ثمّ أقول: متىٰ ولد محسنٌ؛ حتّىٰ يسمّيه النّبي  محسناً؟!

 

([1])        «التاريخ الكبير» (2/147).

([2])       «المعجم الكبير» (1/101).

([3])       «ديوان الضعفاء» (558)، وانظر: «ميزان الاعتدال» (1147).

([4])       «لسان الميزان» (2/270).

([5])       «لسان الميزان» (6/198).

([6])       «مسند أحمد» (768، 953).

([7])        «الأدب المفرد» (823)

([8])       «مسند الطيالسي» (131).

([9])       «صحيح ابن حبان» (6958).

([10])     «المعجم الكبير» (1/100).

([11])      «المستدرك» (3/165، 168، 180).

([12])     «المعجم الكبير» (3/97).

([13])     «المعجم الكبير» (3/98).

([14])     «المستدرك» (4/277).

([15])     «المعجم الكبير» (3/23).

([16])     «ميزان الاعتدال» (3/158).

([17])     «مجمع الزوائد» (9/175).