نقد مراجعة الشيعي عبدالحسين 30
25-03-2023
نقد مراجعة الشيعي عبدالحسين رقم [30]
أولاً: اتّفق أهل العلم بالحديث علىٰ أن حديث المنزلة لم يتكرّر في غير غزوة تبوك.
ثانياً: أمّر النّبي أبا بكر علىٰ علي بعد تبوك، وذٰلك في حجّ السّنة التّاسعة([1]).
ثالثاً: أرسل النّبي علياً إلىٰ اليمن، وخرج هو إلىٰ مكّة، ولم يؤمّره علىٰ المدينة([2]).
رابعاً: الخليفة لا يكون خليفةً إلّا مع غياب المستخلف أو موته، وهـٰذه حال جميع من استخلفهم النّبي ؛ إذ تنتهي خلافتهم بعودته ، فعلي كذٰلك.
خامساً: هل كان علي خليفةً علىٰ جميع بلاد المسلمين لمّا سافر النّبي إلىٰ تبوك، أو علىٰ المدينة خاصّةً؟ فهل كان أميراً علىٰ مكّة والطّائف وغيرها من بلاد المسلمين؟
سادساً: أمّا بخصوص قول الشيعي : «كلا وحاشا مثلك أن يرتاب في عموم اسم الجنس المضاف وشموله لجميع مصاديقه»؛ فقد ردّ عليه الشّيخ محمودٌ الزّعبي قائلاً: «.. يقول هذا وكأن هذا الأمر مجمعٌ عليه عند الأصوليين والفقهاء وأهل اللّغة، في حين أن هؤلاء جميعاً متّفقون علىٰ أن اسم الجنس المضاف العلم ليس من ألفاظ العموم، وصرّحوا بأن ألفاظ العموم هي:
- لفظ «كل» و«جميع».
- المفرد المعرّف بأل تعريف الجنس.
- الجمع المعرّف بأل تعريف الجنس.
- الأسماء الموصولة.
- أسماء الشّروط.
- النّكرة في سياق النّفي.
ومقصود هذا الرّافضي باسم الجنس هو لفظ «منزلة»؛ فإنه مضافٌ في الحديث إلىٰ اسم العلم «هارون»، فيعمّ بذلك جميع المنازل لصحّة الاستثناء، وإذا استثنىٰ مرتبة النّبوة فثبت لعلي جميع المنازل الثّابتة لهارون، ومن جملتها صحّة الإمامة، وقد علمنا فساد هذا القول باتّفاق جميع الأصوليين علىٰ أنه ليس من ألفاظ العموم.
قال عبدالعزيز الدّهلوي: «إن اسم الجنس المضاف إلىٰ العلم ليس من ألفاظ العموم عند جميع الأصوليين، بل هم صرّحوا بأنه للعهد في ــ غلام زيد ــ وأمثاله، لأن تعريف الإضافة المعنوية باعتبار العهد أصلٌ، وفيما نحن فيه قرينةٌ للعهد موجودةٌ وهي قوله([3]): «أتخلّفني في النّساء والصّبيان»، يعني إن هارون كما كان خليفةً لموسىٰ حين توجّه هو إلىٰ الطّور، كذلك صار الأمير خليفةً للنّبي ؛ إذ توجّه إلىٰ غزوة تبوك، والاستخلاف المقيد بهذه الغيبة لا يكون باقيا بعد انقضائها كما لم يبق في حقّ هارون أيضاً.
ولا يمكن أن يقال: انقطاع هذا الاستخلاف عزلٌ موجبٌ للإهانة في حقّ الخليفة؛ لأن انقطاع العمل ليس بعزل، والقول بأنه عزلٌ خلاف العرف واللّغة.
ولا تكون صحّة الاستثناء دليلاً للعموم إلّا إذا كان متّصلاً، وههنا منقطعٌ بالضّرورة؛ لأن قوله: «إنه لا نبي بعدي»، جملةٌ خبريةٌ، وقد صارت تلك الجملة ــ بتأويلها بالمفرد ــ بدخول «إن» في حكم «إلا عدم النّبوة»، وظاهرٌ إن عدم النّبوة ليس من منازل هارون حتّىٰ يصحّ استثناؤه، لأن المتّصل يكون من جنس المستثنىٰ منه وداخلاً فيه، والنّقيض لا يكون من جنس النّقيض، وداخلاً فيه، فثبت إن هذا المستثنىٰ منقطعٌ جدّاً، ولإن من جملة منازل هارون كونه أسنّ من موسىٰ، وأفصح منه لساناً، وكونه شريكاً معه في النّبوة، وكونه شقيقاً له في النّسب، وهذه المنازل غير ثابتة في حقّ الأمير بالنّسبة إلىٰ النّبي إجماعاً بالضّرورة، فإن جعلنا الاستثناء متّصلاً، وحملنا المنزلة علىٰ العموم، لزم الكذب في كلام المعصوم»([4]).
وقال الشيخ أبو مريم بن محمد الأعظمي: «وحتىٰ لا نبقي للشّيعة أية حجّة فيه إن شاء الله نقول لهم: تعالوا فلنطبّق ما قاله صاحبكم الموسوي هذا، وما أجلب بخيله ورجله عليه، فلنقل بعموم المنزلة المذكورة في الحديث، ولنر هل إن ذلك في الإمكان؟
وقد سبق قولنا بأن لهارون من موسىٰ ؟ش منازل، منها: إنه أخوه، وهذا طبعاً لا يمكن انطباقه علىٰ علي رضي الله عنه؛ فإن الأخوة هي أخوة النّسب من أب وأمّ، وهو ما لا يحلم الشيعة بقوله وادّعائه والحمد لله.
والمنزلة الأخرىٰ: إنه نبي معه، وهذا أيضاً منتف في حقّ علي.
ولم تبق من تلك المنازل سوىٰ خلافته له لمّا ذهب لميقات ربّه، وانتهت هذه الخلافة بعودة موسىٰ عليه السلام، وهذا هو الذي يقوله أهل السُّنة، وهو مقتضىٰ الحديث وغايته، ولا يسمّىٰ هذا تخصيصاً له بلا حجّة؛ فقد قدّمنا لك عدم إمكان حمله علىٰ النّبوة، ولا علىٰ الأخوة من النّسب، فلم يبق إلّا هذا.
وأيضاً ليس في تلك المنازل ــ كما قلنا ــ إن هارون خلف موسىٰ بعد موته، فنحن نقول بعموم الحديث، لكن ليس في عمومه إطلاقاً إنه خليفته بعد موته ولله الحمد. حتىٰ إذا ادّعىٰ الجهّال إن من تلك المنازل وزارة هارون لموسىٰ، وشراكته له في أمره، فليس في كل ذلك ــ علىٰ فرض صحّته ــ ما يشير أدنىٰ إشارة إلىٰ خلافته له بعد موته، وطبعاً لا يمكن أحداً أن يدّعي إن موسىٰ أوصىٰ لهارون في خلافته بعده»([5]).
([4]) «البينات في الرّدّ علىٰ أباطيل المراجعات» (2/43)، وانظر: «مختصر التّحفة الاثني عشرية» (ص163).