نقد مراجعة الشيعي عبدالحسين رقم [18]

لا ريب أن القارئ قد استغرب كثيراً من كلام عبدالحسين في هذه المراجعة؛ لما فيه من مجازفة لا أدري كيف استطاع أن يقولها أو يتصورها، ألا وهي قوله: «إن نصف أهل القبلة هم شيعة آل محمد»، فنقول: كيف أحصاهم؟

فإن كان يقصد شيعة آل محمد علىٰ معناها الصّحيح الذي أفهمه أنا ويفهمه كل علماء أهل السُّنة فلم يصب؛ لإنهم أكثر من تسعين بالمئة من عدد المسلمين، إذ هم أهل السُّنة والجماعة.

وإن قصد فرقة الشيعة سواء كانوا اثني عشرية، أو زيديةً، أو إسماعيليةً، أو دروزاً، أو بهائيةً، أو بابيةً، أو نصيريةً وغيرهم ممن هم في مقابل أهل السُّنة والجماعة؛ فلا أعلم إنه يوجد إحصاءٌ صحيحٌ دقيقٌ لعدد الشيعة في العالم.

وجميع ما اطّلعت عليه من الإحصائيات مبالغٌ فيها كثيراً، ومثالٌ علىٰ ذلك ما ذكر في موسوعة ويكيبيديا الحرّة إنهم (200،154 مليوناً)، ويمثّلون عشرةً في المئة أو ثلاث عشرة من عدد المسلمين! وجعلوا تسعين في المئة من إيران شيعةً، وأغفلوا أهل السُّنة هناك، مع إنهم لا يقلّون عن خمس وعشرين في المئة، وكذا جعلوا الشيعة أغلبيةً ساحقةً في العراق والبحرين، وهذا غير صحيح ألبتّة، ففي العراق لا يبلغون 40٪، وفي البحرين قد يصلون إلى 50٪، ولكن كم عدد سكان البحرين؟

وما سأذكره تقديرٌ لهم بالملايين بحسب اطّلاعي الخاص وسؤالي للمهتمّين من أهل البلاد الّتي يعيشون فيها، والله أعلم.

إيران: 40     العراق: 10  الهند: 17     باكستان: 10

اليمن: 6      وسط آسيا: 8        تركيا:5        أفغانستان: 4

سوريا: 2     لبنان: 1        الخليج:2

فمجموع هـٰؤلاء: (105)، وسنزيدهم (5) ممن يمكن أن يكون غاب عنّا في إفريقيا وغيرها، مع أنهم لا يمثلون نسبة هناك، فيكون العدد (110). بينما عدد المسلمين في الأرض يزيد علىٰ مليار ومئتي مليون مسلم، فنسبة الشيعة إذاً لا تتجاوز بأي حال عشرة في المئة، بل لا تصل.

ورأيته يدّعي ــ وما أكثر دعاواه ــ أن الصّحابة رضي الله عنهم عدلوا بالخلافة عن أهل البيت وجعلوها بالانتخاب؛ ليكون لكل حي من أحيائهم نصيبٌ منها ولو بعد حين.

فهـٰذه الدّعوىٰ ــ قطعاً ــ ليست صحيحةً، فأين الأنصار الذين حرموا منها؟ وكيف رضي الأنصار وبقية العرب والعجم أن تكون قبيلةٌ واحدةٌ ــ وهي قريشٌ ــ تستحوذ علىٰ الخلافة، ولم يرضوا ببيت من قريش والأمر واحدٌ طالما إن الخلافة لن يصلوا إليها؟

ثمّ أي انتخاب يتحدّث عنه وهم يقولون إن أبا بكر اغتصبها باتّفاق مع عمر علىٰ أن تكون لعمر بعد أبي بكر؟ ولم يعلم لأبي بكر حرصٌ علىٰ الخلافة وهو الزّاهد الورع، وهو أولّ من آمن من الرّجال، وتابع النّبي  ولم يكن معه أحدٌ، وبذل ماله في سبيل الله تعالىٰ، وهاجر وجاهد وبذل الغالي والنّفيس في سبيل نصرة الدّين. فماذا استفاد أبو بكر من الخلافة، ولمن ورّثها؟ وكيف وافق بقية الصّحابة علىٰ تسليم الخلافة لأبي بكر وعمر؟ وماذا استفادوا؟ ولماذا يخالفون أمر النّبي  طالما إنه نصّ علىٰ علي بالخلافة ــ كما يزعمون ــ ؟

بل إن الثّابت إن علياً بايع أبا بكر وعمر وعثمان، وتابع وأحسن الصّحبة لهم. أفرّط الصّحابة كلهم بجهادهم وإيمانهم؟ أباعوا آخرتهم بدنيا غيرهم؟ فبأي رغبة وأي رهبة كانت عند أبي بكر حتّىٰ يتابعوه من أجلها؟ ويقال: «حدّث العاقل بما لا يعقل، فإن صدّق فلا عقل له».