مراجعة الشيعي عبدالحسين 18
25-03-2023
مراجعة الشيعي عبدالحسين رقم [18]
4 ذي الحجة سنة 1329 هـ
أشكر حسن ظنكم بهـٰذا القاصر، وأقدر نظركم بعين الرضا إليه، وإلىٰ مراجعاته، فأخشع أمام هـٰذا العطف ببصري، وأعنو لهـٰذا اللطف هيبة وإجلالاً.
بيد أني أستميح سماحتكم مراجعة النظر فيما نسبتموه ــ من العدول عن أهل البيت ــ إلىٰ مطلق أهل القبلة، وأذكركم بأن نصف أهل القبلة ــ وهم شيعة آل محمد ــ ما عدلوا ولا هم عادلون، ولن يعدلوا عن أئمة أهل البيت في شيء من أصول الدين وفروعه أبدا، وأن من رأيهم كون التعبد بمذاهبهم ؟م من الواجبات العينية المضيقة بحكم الكتاب والسنة، فهم يدينون الله عز وجل بذٰلك في كل عصر ومصر، وعلىٰ هـٰذا مضىٰ سلفهم وخلفهم الصالحان، منذ قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلىٰ يومنا هـٰذا.
وإنما عدل عن أهل البيت في فروع الدين وأصوله ساسة الأمة وأولياء أمورها، منذ عدلوا عنهم بالخلافة فجعلوها بالاختيار، مع ثبوت النص بها علىٰ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، إذ رأوا أن العرب لا تصبر علىٰ أن تكون في بيت مخصوص فتأوّلوا نصوصها، وجعلوها بالانتخاب، ليكون لكل حي من أحيائهم أمل بها ولو بعد حين، فكانت مرة هنا، وأخرىٰ هناك، وتارة هنالك، وهبّوا بكل ما لديهم من قوة ونشاط إلىٰ تأييد هـٰذا المبدأ، والقضاء علىٰ كل ما يخالفه، فاضطرتهم الحال إلىٰ التجافي عن مذهب أهل البيت، وتأولوا كل ما يدل علىٰ وجوب التعبد به من كتاب أو سنّة، ولو استسلموا لظواهر الأدلة فرجعوا إلىٰ أهل البيت، وأرجعوا الخاصة والعامة إليهم في فروع الدين وأصوله، لقطعوا علىٰ أنفسهم خط الرجعة إلىٰ مبدئهم، ولأصبحوا من أكبر الدعاة إلىٰ أهل البيت، وهـٰذا لا يجتمع مع عزائمهم، ولا يتفق مع حزمهم ونشاطهم في سياستهم، ومن أمعن النظر في هـٰذه الشؤون علم أن العدول عن إمامة الأئمة من أهل البيت في المذهب ليس إلا فرعا عن العدول عن إمامتهم العامة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأن تأويل الأدلة علىٰ إمامتهم الخاصة، إنما كان بعد تأويل الأدلة علىٰ إمامتهم العامة، ولولا ذٰلك ما التوىٰ عنهم ملتو.
دعنا من نصوصهم وبيناتهم، وانظر إليهم بقطع النظر عنها، فهل تجد فيهم قصوراً ــ في علم أو عمل أو تقوىٰ ــ عن الإمام الأشعري، أو الأئمة الأربعة أو غيرهم، وإذا لم يكن فيهم قصور، فبم كان غيرهم أولىٰ بالاتباع؟ وأحق بأن يطاع.
وأي محكمة عادلة تحكم بضلال المعتصمين بحبلهم، والنـاسجين علىٰ منوالهم، حاشا أهل السنّة والجماعة أن يحكموا بذٰلك، والسلام عليكم.