أبو عبد الله الجدلي
24-03-2023
[100] أبو عبد الله الجدلي، ذكره الذهبي في الكنىٰ، ووضع علىٰ عنوانه د ت إشارة إلىٰ أنه من رجال أبي داود والترمذي في «صحيحيهما»، ثم وصفه، بأنه شيعي بغيض، ونقل عن الجوزجاني القول بأنه: «كان صاحب راية المختار»، ونقل عن أحمد توثيقه، وعدّه الشهرستاني من رجال الشيعة في كتاب «الملل والنحل»، وذكره ابن قتيبة في غالية الرافضة من «معارفه»، ودونك حديثه في «صحيحي» الترمذي وأبي داود وسائر «مسانيد» السنّة وذكره ابن سعد في «طبقاته» فقال: «كان شديد التشيع، ويزعمون أنه كان علىٰ شرطة المختار، فوجهه إلىٰ عبد الله بن الزبير في ثمانمئة ليوقع بهم، ويمنع محمد بن الحنفية مما أراد به ابن الزبير» اهـ.
حيث كان ابن الزبير حصر ابن الحنفية وبني هاشم، وأحاطهم بالحطب ليحرقهم، إذ كانوا قد امتنعوا عن بيعته، لكن أبا عبد الله الجدلي أنقذهم من هـٰذا الخطر، فجزاه الله عن أهل نبيه خيراً.
وهـٰذا آخر من أردنا ذكرهم في هـٰذه العجالة، وهم مئة بطل من رجال الشيعة، كانوا حجج السنّة، وعيبة علوم الأمة، بهم حفظت الآثار النبوية، وعليهم مدار «الصحاح» و«السنن» و«المسانيد»، ذكرناهم بأسمائهم، وجئنا بنصوص أهل السنّة علىٰ تشيعهم، والاحتجاج بهم، نزولاً في ذٰلك علىٰ حكمكم.
وأظن المعترضين سيعترفون بخطئهم فيما زعموه من أن أهل السنّة لا يحتجون برجال الشيعة، وسيعلمون أن المدار عندهم علىٰ الصدق والأمانة، بدون فرق بين السني والشيعي، ولو رد حديث الشيعة مطلقاً لذهبت جملة الآثار النبوية ــ كما اعترف به الذهبي في ترجمة أبان بن تغلب من «ميزانه» ــ وهـٰذه مفسدة بينة.
وأنتم ــ نصر الله بكم الحق ــ تعلمون أن في سلف الشيعة ممن يحتجّ أهل السنّة بهم غير الذي ذكرناهم، وأنهم أضعاف أضعاف تلك المئة عدداً وأعلىٰ منهم سنداً، وأكثر حديثاً، وأغزر علماً، وأسبق زمناً، وأرسخ في التشيع قدماً، ألا وهم رجال الشيعة من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، وقد أوقفناكم علىٰ أسمائهم الكريمة في آخر «فصولنا المهمة»، وفي التابعين ممن يحتجّ بهم من أثبات الشيعة، كل ثقة حافظ ضابط متقن حجة، كالذين استشهدوا في سبيل الله نصرة لأمير المؤمنين أيام الجمل الأصغر، والجمل الأكبر، وصفين، والنهروان، وفي الحجاز واليمن حيث غار عليهما بسر بن أرطاة، وفي فتنة الحضرمي المرسل إلىٰ البصرة من قبل معاوية، وكالذين استشهدوا يوم الطف مع سيد شباب أهل الجنة، والذين استشهدوا مع حفيده الشهيد زيد وغيره من أباة الضيم، الثائرين لله من آل محمد، وكالذين قتلوا صبراً، ونفوا عن عقر ديارهم ظلماً، والذين أخلدوا إلىٰ التقية خوفاً وضعفاً، كالأحنف بن قيس، والأصبغ بن نباتة، ويحيىٰ بن يعمر، أول من نقط الحروف، والخليل بن أحمد مؤسس علم اللغة والعروض، ومعاذ بن مسلم الهراء واضع علم الصرف وأمثالهم، ممن يستغرق تفصيلهم المجلدات الضخمة. ودع عنك من تحامل عليهم النواصب بالقدح والجرح فضعفوهم ولم يحتجوا بهم.
وهناك مئات من أثبات الحفظة وأعلام الهدىٰ من شيعة آل محمد، أغفل أهل السنّة ذكرهم، لكن علماء الشيعة أفردوا لذكرهم فهارس ومعاجم تشتمل علىٰ أحوالهم، ومنها تعرف أياديهم البيضاء، في خدمة الشريعة الحنيفية السمحاء.
ومن وقف علىٰ شؤونهم يعلم أنهم مثال الصدق والأمانة، والورع والزهد والعبادة والإخلاص في النصح لله تعالىٰ، ولرسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ولكتابه عز وجل، ولأئمة المسلمين ولعامتهم، نفعنا الله ببركاتهم وبركاتكم إنه أرحم الراحمين.