إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي، ومن يضلله فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إلٰه إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

﴿يَاأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوا ٱتَّقُوا ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾  .

﴿يَاأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُوا رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَٱتَّقُوا ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَٱلْأَرْحَامَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾  .

﴿يَاأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوا ٱتَّقُوا ٱللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾  .

أما بعد:

فإن المتأمل في هذا الكون بسمائه وأرضه، ونجومه وكواكبه، وشجره وزرعه وثمره لا شك أن عقله يهديه إلى وجود خالق عظيم مدبر لهذا الكون، ولكن ما صفات هذا الخالق؟ ولماذا خلقنا؟ وبماذا أمرنا؟ وعن ماذا نهانا؟ وما جزاء من يطيع وما جزاء من لا يطيع؟

كل هذه الأمور لا يمكن أبداً للعبد الضعيف أن يتعرف عليها إلا أن يخبره هذا الخالق، فمن رحمة الله تبارك وتعالى بخلقه أن أرسل إليهم رسلاً مبشرين ومنذرين يُعَرِّفُون الناس بهذا الرب سبحانه وتعالى، من هو؟ ما أسماؤه؟ ما صفاته؟ ماذا يريد منا؟ عن ماذا ينهانا؟ ما جزاء من يطيع؟ ما جزاء من يعصي؟

هؤلاء الرسل هم الواسطة بين الله تبارك وتعالى وبين خلقه في التبليغ، يُبَلِّغون عن الله تبارك وتعالى ما يريد أن يوصله إلى عباده، فيُعرّفونَ النَّاسَ ما ينْفَعُهم في معاشهم، وفي معادهم، يُعَرّفونهم ما يرضي ربهم وما يسخطه سبحانه وتعالى، فيعمل الناس على تحقيق محاب الله ــ جل وعلا ــ، ويعملون كذلك على تجنب ما يغضب الله ــ جل وعلا ــ.