[40] شريك بن عبد الله بن سنان بن أنس النخعي الكوفي القاضي، عدّه الإمام ابن قتيبة في رجال الشيعة وأرسل ذٰلك في كتابه «المعارف» إرسال المسلمات، وأقسم عبد الله بن إدريس ــ كما في أواخر ترجمة شريك من «الميزان» ــ بالله أن شريكاً لشيعي. وروىٰ أبو داود الرهاوي ــ كما في «الميزان» أيضاً ــ أنه سمع شريكاً يقول: «علي خير البشر فمن أبىٰ فقد كفر».

قلت: إنما أراد أنه خير البشر بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كما هو مذهب الشيعة، ولذا وصفه الجوزجاني ــ كما في «الميزان» أيضا ــ بأنه مائل، ولا ريب بكونه مائلاً عن الجوزجاني إلىٰ مذهب أهل البيت، وشريك ممن روىٰ النص علىٰ أمير المؤمنين حيث حدّث ــ كما في «الميزان» أيضا ــ عن أبي ربيعة الأيادي عن ابن بريدة عن أبيه مرفوعاً: «لكل نبي وصي ووارث، وإن علياً وصيي ووارثي».

وكان مندفعاً إلىٰ نشر فضائل أمير المؤمنين وإرغام بني أمية بذكر مناقبه عليه السلام، حكىٰ الحريري في كتابه «درة الخواص» ــ كما في ترجمة شريك من «وفيات» ابن خلكان ــ: أنه كان لشريك جليس من بني أمية، فذكر شريك في بعض الأيام فضائل علي بن أبي طالب فقال ذٰلك الأموي: نعم الرجل علي، فأغضبه ذٰلك وقال: «ألعلي يقال نعم الرجل ولا يزاد علىٰ ذٰلك»؟

وأخرج ابن أبي شيبة ــ كما في أواخر ترجمة شريك من «الميزان» ــ عن علي بن حكيم عن علي بن قادم، قال: «جاء عتاب ورجل آخر إلىٰ شريك، فقال له: إن الناس يقولون إنك شاكّ، فقال: «يا أحمق كيف أكون شاكاً، لوددت أني كنت مع علي فخضبت يدي بسيفي من دمائهم. ومن تتبع سيرة شريك علم أنه كان يوالي أهل البيت، وقد روىٰ عن أوليائهم علماً جماً، قال ابنه عبدالرحمن ــ كما في أحواله من «الميزان» ـ: كان عند أبي عشرة آلاف مسألة عن جابر الجعفي، وعشرة آلاف غرائب. وقال عبد الله بن المبارك ــ كما في «الميزان» أيضاً ــ: شريك أعلم بحديث الكوفيين من سفيان، وكان عدواً لأعداء علي، سئ القول فيهم، قال له عبدالسلام بن حرب: هل لك في أخ تعوده، قال: «من هو؟ قال: «هو مالك بن مغول، قال: «ليس لي بأخ من أزرىٰ علىٰ علي وعمار، وذكر عنده معاوية فوصف بالحلم، فقال شريك: «ليس بحليم من سفّه الحق، وقاتل علي بن أبي طالب». وهو الذي روىٰ عن عاصم، عن ذر، عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً: «إذا رأيتم معاوية علىٰ منبري فاقتلوه».

وجرىٰ بينه وبين مصعب بن عبد الله الزبيري كلام بحضرة المهدي العباسي، فقال له مصعب ــ كما في ترجمة شريك من «وفيات» ابن خلكان ــ: أنت تنتقص أبا بكر وعمر.. الخ: بأنه صدوق ثقة، وقال في آخر ترجمته: قد كان شريك من أوعية العلم، حمل عنه إسحاق الأزرق تسعة آلاف حديث. ونقل عن أبي توبة الحلبي قال: «كنا بالرملة فقالوا، من رجل الأمة؟ فقال قوم: ابن لهيعة، وقال قوم: مالك. فسألنا عيسىٰ بن يونس فقال: «رجل الأمة شريك وكان يومئذ حياً. قلت: احتجّ بشريك مسلم وأرباب «السنن الأربعة» ودونك حديثه عندهم، عن زياد بن علاقة، وعمار الذهني، وهشام بن عروة، ويعلىٰ بن عطاء، وعبدالملك بن عمير، وعمارة بن القعقاع، وعبد الله بن شبرمة، روىٰ عنه عندهم: ابن أبي شيبة، وعلي بن حكيم، ويونس بن محمد، والفضل بن موسىٰ، ومحمد بن الصباح، وعلي بن حجر. ولد بخراسان أو ببخارىٰ سنة خمس وتسعين. ومات بالكوفة يوم السبت مستهل ذي القعدة سنة سبع أو ثمان وسبعين ومئة.