الحارث بن عبد الله الهمداني
24-03-2023
[19] الحارث بن عبد الله الهمداني، صاحب أمير المؤمنين وخاصته، كان من أفضل التابعين، وأمره في التشيع غني عن البيان، وهو أول من عدهم ابن قتيبة في «معارفه»، من رجال الشيعة، وقد ذكره الذهبي في «ميزانه»: فاعترف بأنه من كبار علماء التابعين، ثم نقل عن ابن حبان القول: بكونه غالياً في التشيع، ثم أورد من تحامل القوم عليه ــ بسبب ذٰلك ــ شيئاً كثيراً، ومع هـٰذا فقد نقل إقرارهم بأنه كان من أفقه الناس، وأفرض الناس، وأحسب الناس لعلم الفرائض، واعترف بأن حديث الحارث موجود في «السنن الأربعة»، وصرح بأن النسائي مع تعنّته في الرجال قد احتجّ بالحارث، وقوّىٰ أمره، وأن الجمهور مع توهينهم أمره يروون حديثه في الأبواب كلها، وأن الشعبي كان يكذبه، ثم يروي عنه. قال في «الميزان»: «والظاهر أنه يكذبه في لهجته وحكاياته، وأما في الحديث النبوي فلا». قال في «الميزان»: «وكان الحارث من أوعية العلم»، ثم روىٰ ــ في «الميزان» ــ عن محمد بن سيرين أنه قال: «كان من أصحاب ابن مسعود خمسة يؤخذ عنهم أدركت منهم أربعة، وفاتني الحارث فلم أره، وكان يفضل عليهم وكان أحسنهم (قال): ويختلف في هـٰؤلاء الثلاثة أيهم أفضل، علقمة ومسروق وعبيدة» ا هـ. قلت: وقد سلط الله علىٰ الشعبي من الثقات الأثبات من كذّبه واستخف به جزاءً وفاقاً، كما نبه علىٰ ذٰلك ابن عبدالبر في كتابه ــ «جامع بيان العلم» ــ حيث أورد كلمة إبراهيم النخعي الصريحة في تكذيب الشعبي، ثم قال ما هـٰذا لفظه: «وأظن الشعبي عوقب لقوله في الحارث الهمداني: حدثني الحارث وكان أحد الكذابين». ــ قال ابن عبدالبر ــ: «ولم يبن من الحارث كذب، وإنما نقم عليه إفراطه في حب علي، وتفضيله له علىٰ غيره (قال) ومن هاهنا كذبّه الشعبي، لأن الشعبي يذهب إلىٰ تفضيل أبي بكر، وإلىٰ أنه أول من أسلم، وتفضيل عمر» ا هـ.
قلت: وأن ممن تحامل علىٰ الحارث محمد بن سعد، حيث ترجمه في الجزء 6 من «طبقاته» فقال: «إن له قول سوء» وبخسه حقه؛ كما جرت عادته مع رجال الشيعة، إذ لم ينصفهم في علم، ولا في عمل، والقول السيء الذي نقله ابن سعد عن الحارث؛ إنما هو الولاء لآل محمد، والاستبصار بشأنهم، كما أشار إليه ابن عبدالبر فيما نقلناه من كلامه. كانت وفاة الحارث سنة خمس وستين، رحمه الله تعالىٰ.