إسماعيل بن عباد بن العباس الطالقاني أبو القاسم
24-03-2023
[7] إسماعيل بن عباد بن العباس الطالقاني أبو القاسم، المعروف بالصاحب ابن عباد. ذكره الذهبي في «ميزانه» فوضع علىٰ اسمه د ت رمزاً إلىٰ احتجاج أبي داود والترمذي به في «صحيحيهما» ثم وصفه بأنه: «أديب بارع شيعي». قلت: تشيعه مما لا يرتاب فيه أحد، وبذٰلك نال هو وأبوه ما نالا من الجلالة والعظمة في الدولة البويهية، وهو أول من لقب بالصاحب من الوزراء، لأنه صحب مؤيد الدولة بن بويه منذ الصبا فسماه الصاحب، واستمر عليه هـٰذا اللقب حتىٰ اشتهر به ثم أطلق علىٰ كل من ولي الوزارة بعده، وكان أولاً وزير مؤيد الدولة أبي منصور بن ركن الدولة بن بويه، فلما توفي مؤيد الدولة وذٰلك في شعبان سنة (373هـ) بجرجان، استولىٰ علىٰ مملكته أخوه أبو الحسن علي المعروف بفخر الدولة فأقر الصاحب علىٰ وزارته، وكان معظماً عنده، نافذ الأمر لديه، كما كان أبوه عباد بن العباس وزيراً معظماً عند أبيه ركن الدولة، نافذ الأمر لديه، ولما توفي الصاحب ــ وذٰلك ليلة الجمعة الرابع والعشرين من صفر سنة خمس وثمانين وثلاثمئة بالري عن تسع وخمسين سنة ــ أغلقت له مدينة الري، واجتمع الناس علىٰ باب قصره ينتظرون خروج جنازته، وحضر فخر الدولة ومعه الوزراء والقواد، وغيروا لباسهم، فلما خرج نعشه صاح الناس بأجمعهم صيحة واحدة، وقبلوا الأرض تعظيماً للنعش، ومشىٰ فخر الدولة في تشييع الجنازة كسائر الناس، وقعد للعزاء أياماً ورثته الشعراء، وأبنته العلماء، وأثنىٰ عليه كل من تأخر عنه، قال أبو بكر الخوارزمي: «نشأ ــ الصاحب بن عباد ــ من الوزارة في حجرها، ودب ودرج من وكرها، ورضع أفاويق درها، وورثها عن آبائه». كما قال أبو سعيد الرستمي في حقه:
ورث الوزارة كابراً عن كابر
موصولة الأسناد بالأسناد
يروي عن العباس عباد وزا
رته وإسماعيل عن عباد
وقال الثعالبي في ترجمة الصاحب من «يتيمته»: «ليست تحضرني عبارة أرضاها للإفصاح عن علو محله في العلم والأدب، وجلالة شأنه في الجود والكرم، وتفرده بالغايات في المحاسن، وجمعه أشتات المفاخر، لأن همة قولي تنخفض عن بلوغ أدنىٰ فضائله ومعاليه، وجهد وصفي يقصر عن أيسر فواضله ومساعيه». ثم استرسل في بيان محاسنه وخصائصه. وللصاحب مؤلفات جليلة منها كتاب «المحيط في اللغة» في سبعة مجلدات رتبه علىٰ حروف المعجم، وكان ذا مكتبة لا نظير لها. كتب إليه نوح بن منصور أحد ملوك بني سامان يستدعيه ليفوض إليه وزارته وتدبير أمر مملكته، فاعتذر إليه: بأنه يحتاج لنقل كتبه خاصة إلىٰ أربعمئة جمل، فما الظن بغيرها، وفي هـٰذا القدر من أخباره كفاية.