[23] ﴿ وَٱسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا﴾  [الزّخرُف: 45].

وأمّا استدلاله بهذه الآية علىٰ مبتغاه؛ فأقول له: هل بعث الله تعالىٰ الأنبياء بولاية أهل البيت، أم بعثهم بأمر آخر ؟

نجد الإجابة واضحةً جليةً في كتاب الله؛ قال الله تبارك وتعالىٰ: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ ٱعْبُدُوا ٱللَّهَ وَٱجْتَنِبُوا ٱلطَّاغُوتَ﴾  [النّحل: 36]، وقال عز وجل: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلـٰهَ إِلَّا أَنَا فَٱعْبُدُونِ﴾  [الأنبيَاء: 25]، هـٰكذا أخبر الله ــ جلّ ذكره ــ أنه أرسل رسله بعبادته، وليس بالولاية التي يدّعون، والقرآن أصدق قيلاً، وأفصح وأوضح حديثاً. وها هو المزيد من الآيات الواردة في ذٰلك عن أنبياء الله ــ صلوات ربّي وسلامه عليهم ــ، قال تعالىٰ: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُوا ٱللَّهَ﴾  [المؤمنون: 23]. وقال: ﴿ وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُوا ٱللَّهَ﴾  [الأعرَاف: 65]. وقال: ﴿ وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُوا ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلـٰهٍ غَيْرُهُ﴾  [الأعرَاف: 73]. وقال: ﴿ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُوا ٱللَّهَ﴾  [الأعرَاف: 85]. وقال: ﴿ وَقَالَ ٱلْمَسِيحُ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ ٱعْبُدُوا ٱللَّهَ﴾  [المَائدة: 72].

* * *

[23/م] وأمّا ما ذكره في قوله تعالىٰ: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى﴾  [الأعرَاف: 172].

فأقول: إن استدلاله بالقرآن الكريم علىٰ هـٰذا النّحو لي لأعناق النّصوص، وتكلفٌ في تفسيرها، وإبعادٌ للنّجعة في تأويلها.

ومعنىٰ الآية واضحٌ جدّاً لا يحتاج إلىٰ هـٰذا التّكلف في تفسيرها، بل هي كما قال ابن عبّاس في تقسيمه للقرآن الكريم: «وقسمٌ لا يعذر أحدٌ بجهله»([1]).

وأخيراً وليس آخراً؛ أين ذكر الأئمّة في هـٰذه الآيات ؟!

 

([1])        «تفسير الطبري» (1/70).