حديثا عمّار بن ياسر
23-03-2023
[4، 5] حديثا عمّار بن ياسر، لفظ الحديث رقم (4): «أوصي من آمن بي وصدقني بولاية علي بن أبي طالب..». لفظ الحديث رقم (5): «اللّهمّ من آمن بي وصدقني فليتول علي بن أبي طالب..»([1]).
قلت: هـٰذا حديثٌ ضعيف جدّاً بطريقيه إن لم يكن موضوعاً([2])، أخرجه ابن عساكر([3]) من طريقين:
الأول: من رواية عمرو بن ثابت.
والثاني: من رواية محمد بن عبد الله بن أبي رافع.
كلاهما عن محمد بن أبي عبيدة بن محمد بن عمّار بن ياسر، عن أبيه أبي عبيدة، عن محمد بن عمّار بن ياسر، عن أبيه الصّحابي عمّار بن ياسر، مرفوعاً بألفاظ متقاربة.
أمّا الطّريق الأول؛ فهو من رواية عمرو بن ثابت([4])؛ وقد ضعّفه ابن معين، وأبو حاتم، وأبو زرعة، وتركه ابن المبارك، ولم يحدّث عنه ابن مهدي، وقال البخاري: «ليس بالقوي عندهم». وقال النّسائي: «متروك الحديث»([5]). وقال ابن حبّان: «يروي الموضوعات عن الأثبات»([6]).
إلا أن أبا داود قال: «رافضىٰ، رجل سوء، ولكنّه كان صدوقاً في الحديث»([7])، فهو يرىٰ قبول روايته علىٰ الرّغم من معرفته بأنه رافضي غال في الرّفض يسبّ الصّحابة، ولا ريب بأن كلام ابن مهدي وابن معين والبخاري وجمهور النّقّاد يقدّم علىٰ قول أبي داود.
وفيه أيضاً محمد بن عثمان بن أبي شيبة؛ وفيه ضعفٌ([8]).
وفيه محمد بن عمار بن ياسر، مجهول، وسيأتي الكلام عليه.
وفيه محمد بن أبي عبيدة، مجهول، وسيأتي الكلام عليه.
وأما الطريق الثاني؛ فهو من رواية محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، وهو ضعيف جدّاً([9])، قال يحيىٰ بن معين: «ليس بشيء». وقال أيضاً: «ليس بثقة». وقال البخاري: «منكر الحديث». وقال أبو حاتم: «ضعيف الحديث، منكر الحديث جدّاً، ذاهبٌ». وقال ابن عدي: «هو في عداد شيعة الكوفة، و يروي من الفضائل أشياء لا يتابع عليها». وقال الدّارقطني: «متروكٌ، وله معضلاتٌ».
وأمّا ابن حبّان فتناقض؛ حيث ذكره في «الثقات»([10])، ثمّ أدخله في «المجروحين»([11]).
وفيه أيضاً عبدالوهّاب بن الضّحّاك؛ قال أبو حاتم:«كان يكذب»([12]) وقد كذّبه الكثير من النّقّاد، ومنهم الدّارقطني في الكثير من كتبه.
ومدار الطّريقين علىٰ محمد بن عمّار بن ياسر، وهو مجهولٌ؛ وقد ذكره ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل»([13])، والبخاري في «التاريخ الكبير»([14])، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً. وذكره ابن حبّان في «الثّقات»([15])؛ علىٰ قاعدته في توثيق المجهولين. وقال الحافظ ابن حجر: «مقبولٌ»([16])، أي: عند المتابعة؛ وإلّا فلين الحديث، ولا يحتجّ بخبر المجهول عند التّفرّد وعدم المتابع.
ومحمد بن أبي عبيدة لم أجد له ترجمةً في المصادر المطبوعة بعد كثرة بحث واستقصاء.
وأخرج ابن عساكر أيضاً([17]) من طريق يعقوب بن يوسف بن زياد الضّبّي، أخبرنا أحمد بن حمّاد الهمداني، أخبرنامختارٌ التّمّار، عن أبي حيان التّيمي، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله : «من تولّىٰ علياً؛ فقد تولّاني، ومن تولّاني؛ فقد تولّىٰ الله ».
وهذا الإسناد ذكر فيه الألباني رحمه الله ثلاث علل:
- المختار بن نافع التّيمي التّمّار الكوفي؛ وقد قال البخاري: «منكر الحديث»([18]). وكذا قال النّسائي([19])، وأبو حاتم([20]). وقال ابن حبّان: «منكر الحديث جدّاً، كان ممّن يأتي بالمناكير عن المشاهير؛ حتىٰ يسبق إلىٰ القلب أنه المتعمّد لذٰلك»([21]).
- أحمد بن حمّاد الهمداني؛ قال عنه الذهبي: «ضعّفه الدّارقطني، لا أعرف ذا»([22]). وكذا قال الحافظ ابن حجر في «اللّسان»([23]).
- يعقوب بن يوسف؛ قال الألباني: «الظّاهر أنه هو الذي ضعّفه الدّارقطني». وقد نظرت في ترجمة «إسحاق بن إسماعيل الجوزجاني»، فلم يتبين أنه هو، والله أعلم.
([1]) هـٰذان الحديثان يعدّان في علم الحديث حديثاً واحداً، والشيعي فصلهما ليوهم القرّاء أنهما حديثان؛ ليستكثر بكثرة الأحاديث علىٰ مقاصده، وهـٰذه هي عادته في كتابه «المراجعات»، بل وسائر كتبه.
([2]) انظر تخريج الألباني للحديث في «السلسلة الضّعيفة» (10/497 ــ 500).
([4]) هو عمرو بن ثابت بن هرمز البكري، أبو محمد ويقال أبو ثابت، الكوفي. ويقال له أيضاً: عمرو بن أبي المقدام الحدّاد. روىٰ له ابن ماجه في كتاب «التفسير». «تهذيب الكمال» للمزي (21/553).
([5]) انظر: «تاريخ ابن معين» رواية الدوري (1351، 1624، 1781)، «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (6/223)، «التاريخ الكبير» للبخاري (6/319)، «الضعفاء» للنسائي (474).
([6]) «كتاب المجروحين» (2/42).
([7]) «السّنن»، عقب الحديث (287)، وانظر: «سؤالات الآجرّي» (333، 591).
([8]) انظر: «سير أعلام النبلاء» (14/21 ــ 23)، وقد حشد الذهبي ما قيل فيه جرحاً وتعديلاً.
([9]) انظر: «تاريخ ابن معين» رواية الدوري (3145)، «سؤالات ابن الجنيد لابن معين» (48، 46)، «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (8/2) «التاريخ الكبير» للبخاري (1/171)، «الكامل في الضعفاء» لابن عدي (6/113). «سؤالات البرقاني» (474)، وضعّفه أيضاً في «سننه» (1/83)، «الضّعفاء والمتروكين» (451). «تهذيب الكمال» للمزي (28/329).
([12]) «الجرح والتعديل» (6/74).
([13]) «الجرح والتعديل» (8/43).
([14]) وكذا البخاري في «التاريخ الكبير» (1/185)، وسكت عنه أيضاً الذهبي في «الكاشف» (2/204).
([15]) «الثّقات» (5/357 ــ 358).
([16]) «تقريب التهذيب» (6206).
([18]) «الضّعفاء الصغير» (357)، المطبوع مع الضعفاء للنسائي والدّارقطني.
([19]) «تهذيب الكمال» للمزي (27/321).
([20]) «الجرح والتعديل» (8/311).
([21]) «كتاب المجروحين» (2/342).
([22]) «ميزان الاعتدال» (1/94).
([23]) الجملة في «لسان الميزان» للحافظ ابن حجر (1/247): «ضعّفه الدّارقطني، لا أعرف من ذا».