وخلاصتها أن موسى - عليه السلام - لَمَّا خرج بجنوده، أتْبَعه فرعون وقومه، فلما تراءى الجمعانِ، وأقبل موسى بقومه نحو البحر، وأقبل عليهم فرعون وقومه، قال أصحاب موسى: إنا لمدركون، فأوحى الله إلى موسى أن اضربْ بعصاك البحر، فضرَبَه فانفلق اثنا عشر طريقًا، بعدد الفِرَق، فلمَّا دَخَلَه موسى وقومه وخرجوا منه، أتبعه فرعون وقومه، فلما تكاملوا فيه، أمره الله فانطبق عليهم، فصارتْ أجسامهم للغرق، وأرواحهم للنار والحرق، قال الله – تعالى -: ﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ([1])، وصاروا عبرة لمن اعتبر، وتلك عاقبة الذنوب والمعاصي؛ قال - تعالى -: ﴿وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ([2]) قيل له: ﴿آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ([3])، فلفظه البحر ميتًا ليتحققوا أنه مات بعد أن كان يقول: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى([4]) ويقول: ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي([5])، وهكذا تكون عاقبةُ الظُّلم والطغيان، ولَعَذَابُ الآخرة أشدُّ وأبقى.

 

([1]) سورة غافر، آية: 46، وهذه الآية من أدلة عذاب القبر، ويكون للنفس والبدن جميعًا باتِّفاق أهل السنة والجماعة، انظر: "شرح العقيدة الطحاوية"، ص 348.

([2]) سورة يونس، آية: 90.

([3]) سورة يونس، آية: 91 - 92.

([4]) سورة النازعات، آية: 24.

([5]) سورة القصص، آية: 38.