الدليل الخامسُ

أنه لَم يَسْجُدْ لِصَنَمٍ قَطّ

  لَا يَخْتَلفُ أَحَدٌ مِنَ المُسْلِمينَ في أَنَّ عَليّاً لَم يَسْجُدْ لِصَنَمٍ قَطّ، وَكَيفَ يَسْجُدُ لِصَنمٍ وَقَد نَشَأ في بَيت النَّبيِّ مُنْذُ نُعُومَةِ أظْفَارِه، إِذْ أنَّه مِنَ المَشْهُورِ أَنَّ النَّبيَّ وَالعَبَّاسَ وَحَمْزَةَ انْطَلَقُوا إِلَىٰ أَبِي طَالِبٍ، وَطَلَبُوا مِنه أَن يَأْخُذُوا مِنَه ثَلَاثةً مِن بَنِيه لِيَقُومُوا بِتَرْبِيَتهِم وَالإِنْفَاقِ عَلَيهم؛ وَذَلِكَ لِفَقْرِه وَقِلَّةِ ذَاتِ يَدِه.

  فأخذ حمزة جعفراً، وأخذ العباس عقيلاً، وأخذ النَّبيُّ عَلِيّاً، وَذَلِكَ قَبلَ المَبْعَثِ، فَلَعَلَّ عَلِيّاً في ذَلِكَ الوَقْتِ لَمْ يَبْلُغِ الرَّابِعةَ مِن عُمُرِه، فَمَن كانَ كَذَلِكَ فمتىٰ وكيف يسجد لِصَنمٍ؟! ثُمَّ لَيسَ عَلِيٌّ فَقَط لَمِ يَسْجُدْ لِصَنمٍ، فَأَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ لَم يُذْكَرْ أَنَّه سَجَد لِصَنمٍ، وَكَذَا ابنُ عَمْرَ، وابنُ عَبَّاسٍ وَابنُ الزُّبيرِ، وكُلُّ صِغَارِ الصَّحَابةِ لَم يَسْجُدُوا لِصَنمٍ.

  بَلْ نحْنُ كَذَلك لم نَسْجُدْ لِصَنمٍ، فَهَلْ مَن لَم يَسْجُدْ لِصَنمٍ بِالضَّرُورةِ يَكُونُ أَفْضَلَ مِمَّن سَجَدَ لِصَنمٍ، وإِن كانَ تَابَ مِن ذَلِك؟! فَعقيلٌ، وَجَعفرٌ، والعَبَّاسُ، وَعُبيدةُ بنُ الحَارِثِ سَجَدُوا لِلأَصْنَامِ، فَلَمَّا أَسْلَمُوا كَانُوا من أَفْضَلِ النَّاسِ عِندَ  اللهِ.