الدليل الثاني

أنه أَعْلَمُ النَّاسِ

 يُعْرَفُ الصَّحَابِيُّ العالمُ بِأَحَدِ وَجْهَينِ:

  أَحَدِهِما: إِصَابَتُه في فَتَاوِيه.

  الثَّانِي: كَثْرَةُ اسْتِعْمَالِ النَّبيِّ لَه.

  أَمَّا الإِصَابةُ في الفَتَاوَىٰ فَلَا يُعْرَفُ لأَبِي بَكْرٍ مَسْأَلَةٌ في الفِقْهِ أَخْطَأَ فِيهَا، بَلْ مَا اخْتَلَفَ أَصْحَابُ رَسُولِ  اللهِ في مَسْأَلةٍ إِلَّا حَسَمَهَا.

  بَيْنَما أخْطَأ عَلِيٌّ وعُمَرُ وعُثْمانُ وَغَيرُهُم في مَسَائِلَ وَخُولِفُوا، وَقَد بَوَّبَ الشَّافِعِيُّ المُطَّلبيُّ باباً في كِتَابه «الأُمِّ» في الخِلَافِ بَينَ عَليٍّ وابنِ مَسْعُودٍ.

  وَقَد بَيَّنَا ذَلِكَ في كَلَامِنَا عن عِلْمِ أَبِي بَكْرٍ في ترْجَمتِه([1]).

  وَأَمَّا كَثْرَةُ اسْتِعْمَالِ النَّبيِّ له، فَقَد اسْتَعْمَلَ النَّبيُّ أَبَا بَكْرٍ عَلَىٰ الصَّلَاةِ وَأَمَّرَه عَلَىٰ الحَجِّ. وَقَد نَقَلَ مَنْصُورٌ السَّمْعَانِيُّ الإِجْمَاعَ عَلَىٰ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَعْلَمُ من عَلِيٍّ([2]).

 

([1])    تقدم (ص٦٢) من هذا الكتاب.

([2])   انظر غير مأمور: «منهاج السُّنَّة» (٧/٥٠٢).