وقَعةُ الطَّفِّ
21-03-2023
وَقَعةُ الطَّفِّ (سنةَ ٦١هـ):
فِي صَبَاحِ يَومِ الجُمُعةِ شَبَّ القِتَالُ بَينَ الفَرِيقَينِ لَمَّا رَفَضَ الحُسَينُ أَنْ يَسْتَأْسِرَ لِعُبيدِ اللهِ بنِ زِيَادٍ، وَكَانَتِ الكِفَّتَانِ غَيرَ مُتَكَافِئَتَينِ، فَرَأَىٰ أَصْحَابُ الحُسَينِ أَنَّهُم لَا طَاقَةَ لَهُم بِهَذَا الجَيشِ، فَصَارَ هَمُّهُم الوَحِيدُ المَوتَ بَينَ يَدَي الحُسَينِ، فَأَصْبَحُوا يَمُوتُونَ بَينَ يَدَي الحُسَينِ رضي الله عنه الوَاحِدُ تِلْوَ الآخَرِ حَتَّىٰ فَنَوا جَمِيعاً ولم يَبْقَ مِنهم أَحَدٌ إِلَّا الحُسينُ بنُ عَلِيٍّ رضي الله عنه. وولدُهُ عليُّ بنُ الحُسين وكان مريضاً.
وبَقِي الحُسَينُ بعدَ ذَلِكَ نَهَاراً طَوِيلاً، لا يَقْدُمُ عليه أَحَدٌ حَتَّىٰ يَرْجِعَ لَا يُرِيدُ أَنْ يُبْتَلَىٰ بِقَتْلِه رضي الله عنه، واسْتَمَرَّ هَذَا الأَمْرُ حَتَّىٰ جَاءَ شمرُ بنُ ذِي الجَوشَنِ، فَصَاحَ بالنَّاسِ: وَيْحَكُم ثَكَلَتْكُم أُمَّهَاتُكُم أحِيطُوا بِه وَاقْتُلُوه، فَجَاؤُوا وَحَاصَرُوا الحُسينَ، فَصَارَ يَجُولُ بَينَهم بِالسَّيفِ رضي الله عنه حَتَّىٰ قَتَلَ مَنْهُم مَنْ قَتَلَ وَكَانَ كَالسَّبُعِ، ولَكِنَّ الكَثْرةَ تَغْلبُ الشَّجَاعَةَ.
وصَاحَ بهم شمر: ويْحَكم ماذا تنتظرون؟! أَقْدِمُوا. فَتَقَدَّمُوا إلىٰ الحسين فَقَتَلُوه رضي الله عنه، والذي بَاشَرَ قَتْل الحُسين هو سنانُ بنُ أنسٍ النخعيُّ، وَحَزَّ رأسَهُ رضي الله عنه وقيل: شمر، قَبَّحهما اللهُ.
وبعدَ أن قُتِلَ الحسينُ رضي الله عنه حُمِلَ رأسُهُ إلىٰ عُبيدِ اللهِ في الكوفةِ، فجعلَ ينكتُ به بقضيب كان معه يُدْخلُهُ في فَمِهِ، ويقول: إن كان لحسن الثغر، فقام أنسُ بنُ مالكٍ، وقال: واللهِ لأسوأنّك؛ لقد رأيتُ رسولَ الله يُقبّلُ موضعَ قَضِيبِكَ مِن فِيه([1]).
قَالَ إِبْراهيمُ النَّخعيّ: «لَو كُنْتُ فِيمَنْ قَتَلَ الحُسَينَ ثُمَّ أُدْخِلْتُ الجَنَّةَ، استحييتُ أَنْ أَمُرَّ علىٰ النبيِّ فينظر في وجهي»([2]).
([1]) أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (٥١٠٧)، وانظر: «صحيح البُخَارِيّ» (٣٧٤٨).