مَقتلُ الحُسيْـنِ
21-03-2023
المبحث الثاني
مَقتلُ الحُسيْـنِ رضي الله عنه
وُصُولُ الحُسَينِ إِلَىٰ كَرْبلَاءَ:
وقف الحُسَينُ فِي مَكَانٍ يُقَالُ لَه «كَرْبَلاءُ»، فَسَأَلَ: مَا هَذَه؟
قَالُوا: كَرْبلَاء. فَقَالَ: «كَرْبٌ وَبَلَاءٌ».
وَلَمَّا وَصَلَ جَيشُ عُمَرَ بنِ سَعْدٍ ــــ وعَدَدُه أربعةُ آلافٍ ــــ كَلَّمَ الحُسَينَ وَأَمَرَه أَنْ يَذْهَبَ مَعَه إِلَىٰ العِرَاقِ حَيثُ عُبيدُ اللهِ بنُ زَيَادٍ فَأَبَىٰ.
وَلَمَّا رَأَىٰ أَنَّ الأَمْرَ جِدٌّ قَالَ لِعُمرَ بنِ سَعْدٍ: إِنِّي أُخَيِّرُكَ بَينَ ثَلَاثةِ أُمُورٍ فَاخْتَرْ مِنْهَا مَا شِئْتَ. قَالَ: وَمَا هِي؟ قَالَ: أَن تَدَعَنِي أَرْجِعُ، أَو أَذْهَبَ إِلَىٰ ثَغْرٍ مِن ثُغُورِ المُسْلِمينَ، أو أَذْهَبَ إِلَىٰ يَزِيدَ حَتَّىٰ أَضَعَ يَدِي فِي يَدِه بالشَّامِ.
فَقَالَ عُمَرُ بنُ سَعْدٍ: نَعَم أَرْسِلْ أَنْتَ إِلَىٰ يَزيدَ، وأُرْسِلُ أَنَا إِلَىٰ عُبَيدِ اللهِ بنِ زَيَادٍ ونَنْظُرُ مَاذَا يَكُونُ في الأَمْرِ، فَلَمْ يُرْسِل الحُسَينُ إِلىٰ يَزِيدَ وَأَرْسَلَ عُمَرُ بنُ سَعْدٍ إِلَىٰ عُبيدِ اللهِ بنِ زِيَادٍ. فَلَمَّا جَاءَ الرَّسُولُ إِلَىٰ عُبَيدِ اللهِ ابن زِيَادٍ وَأَخْبَرَه الخَبَرَ وَأنَّ الحُسَينَ يَقُولُ: أُخَيِّرُكُم بَينَ هَذِه الأُمُورِ الثَّلاثةِ، رَضِيَ عُبيدُ الله أَيَّ وَاحِدَةٍ يَخْتَارُهَا الحُسَينُ، وَكَانَ عِندَ عُبيدِ اللهِ ابنِ زِيَاد رَجُلٌ يُقَالُ لَه شَمر بنُ ذِي الجَوشَنِ، وَكَانَ مِنَ المُقَرَّبِينَ مِنهُ فَقَالَ: لَا وَاللهِ حَتَّىٰ يَنْزِلَ عَلَىٰ حُكْمِكَ.
فَاغْتَرَّ عُبيدُ اللهِ بِقَولِه فَقَالَ: نَعَم حَتَّىٰ يَنْزِلَ عَلَىٰ حُكْمِي.
فَقَامَ عُبيدُ اللهِ بنُ زِيَادٍ بِإِرْسَالِ شمر بنِ ذِي الجَوشَنِ، وَقَالَ: اذْهَبْ حَتَّىٰ يَنْزِلَ عَلَىٰ حُكْمِي، فَإِنْ رَضِيَ عُمَرُ بنُ سَعْدِ؛ وَإِلَّا فَأَنْتَ القَائِدُ مَكَانَه.
وَكَانَ عبيدُ الله بنُ زِيَادٍ قَد جَهَّزَ عُمَرَ بنَ سَعْدٍ بِأَرْبعةِ آلافٍ يَذْهَبُ بِهِم إِلَىٰ الرَّيِّ، فَقَالَ لَه: اقْضِ أَمْرَ الحُسَينِ ثُمَّ اذْهَبْ إِلَىٰ الرَّيِّ، وَكَانَ قَدْ وَعَدَه بِولَايةِ الرَّيِّ.
فَخَرَجَ شَمرُ بنُ ذِي الجوشَنِ، ووصلَ الخبرُ للحُسَينِ، وَأَنَّه لَا بُدَّ أَنْ يَنْزِلَ عَلَىٰ حُكْمِ عُبيدِ اللهِ بنِ زِيَادٍ فَرَفَضَ، وَقَالَ: «لَا واللهِ لَا أَنزِلُ عَلَىٰ حُكْمِ عُبيدِ الله بنِ زِيَادٍ أَبَداً».