مُعَارَضَةُ الصَّحَابةِ لِلحُسَينِ
21-03-2023
مُعَارَضَةُ الصَّحَابةِ لِلحُسَينِ فِي خُرُوجِه:
كَانَ كَثيرٌ من الصَّحَابةِ قَد حَاوَلُوا مَنْعَ الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ مِنَ الخُرُوجِ، وَهُم: عَبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، وعبدُ اللهِ بنُ عَبَّاسٍ، وعَبدُ اللهِ بنُ عَمْرو بنِ العَاصِ، وأَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيّ، وعَبدُ اللهِ بنُ الزُّبيرِ، وَأَخُوه من أبيه مُحَمَّدُ ابنُ الحَنَفِيَّةِ. كُلُّ هَؤُلاءِ لَمَّا عَلِمُوا أَنَّ الحُسَينَ يُرِيدُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَىٰ الكُوفَةِ نَهَوْه. وَهَذِه أَقُوالُ بَعْضِهِم:
- عبدُ اللهِ بنُ عَبَّاسٍ: قَالَ لِلحُسَينِ لَمَّا أَرَادَ الخُرُوجَ: لَولَا أَنْ يُزْرِي بِي وَبِكَ النَّاسُ لَشَبَّثْتُ يَدِي فِي رَأْسِكَ فَلَمْ أتركَّ تَذْهَبُ([1]).
- ابنُ عُمَرَ: قَالَ الشّعْبِيُّ: كَانَ ابنُ عُمَرَ بِمَكَّةَ فَبَلَغَه أَنَّ الحُسَينَ قَد تَوجَّه إِلَىٰ العِرَاقِ، فَلَحِقَه عَلَىٰ مَسِيرَةِ ثَلَاثِ لَيَالٍ فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟
قَالَ: العِرَاقَ، وأَخْرَجَ لَه الكُتُبَ الَّتي أُرْسِلَتْ مِنَ العِرَاقِ يُعْلِنُونَ أَنَّهُم مَعَه وَقَالَ: هَذِه كُتُبُهُم وَبيْعَتُهُم.
قَالَ ابنُ عُمَرَ: لَا تَأْتِهِم، فَأَبَىٰ الحُسَينُ إِلَّا أَنْ يَذْهَبَ.
فَقَالَ ابنُ عُمَرَ: إِنِّي مُحَدِّثُكَ حَدِيثاً: إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَىٰ النَّبيَّ فَخَيَّرَه بَينَ الدُّنْيَا والآخِرَةِ، فَاخْتَارَ الآخِرَةَ، وَلَم يُرِدِ الدُّنْيَا، وإِنَّكَ بَضْعةٌ مِنْه، وَالله لَا يَلِيَهَا أَحَدٌ مِنْكُم أَبَداً، وَمَا صَرَفَها اللهُ عَنْكُم إِلَّا لِلَّذِي هُو خَيرٌ لَكُمِ، فَأَبَىٰ «الحسينُ» أَنْ يَرْجِعَ، فَاعْتَنَقَه عَبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ وَبَكَىٰ وَقَالَ: «أسْتَودِعُكَ اللهَ مِنْ قَتِيلٍ»([2]).
- عبدُ اللهِ بنُ الزُّبيرِ: قَالَ لِلحُسَينِ: أَيْنَ تَذْهَبُ؟! تَذْهَبُ إِلَىٰ قَومٍ قَتَلُوا أَبَاكَ وَطَعَنُوا أَخَاكَ. لَا تَذْهَبْ([3])، فَأَبَىٰ الحُسَينُ إِلَّا أَنْ يَخْرُجَ.
- أَبُو سَعيِدٍ الخُدْرِيّ: قَالَ: يَا أَبَا عَبدِ اللهِ إِنِّي لَكَ نَاصِحٌ، وَإِنِّي عَلَيْكُم مُشْفِقٌ، قَدْ بَلَغَني أَنَّه قَدْ كَاتَبَكُم قَومٌ مِن شِيعَتِكُم بِالكُوفَةِ يَدْعُونَكَ إِلَىٰ الخُرُوجِ إِلَيهِم فَلَا تَخْرُجْ إِلَيهِمِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَاكَ يَقُولُ في الكُوفَةِ: واللهِ لَقَد مَلَلْتُهُم وَأَبْغَضْتُهُمِ، وَمَلُّونِي وَأَبْغَضُونِي، وَمَا يَكُونُ مِنْهُم وَفَاءٌ قَط، ومَنْ فَازَ بِهِم فَازَ بِالسَّهْمِ الأَخْيب، وَاللهِ مَا لَهُم نِيَّاتٌ، وَلَا عَزْمٌ عَلَىٰ أَمْرٍ، وَلَا صَبْرٌ عَلَىٰ سَيفٍ([4]).
ومِمَّن أَشَارَ عَلَىٰ الحُسَينِ بِعَدَمِ الخُرُوجِ مِن غَيرِ الصَّحَابةِ:
- محمد بن علي بن أبي طالب، قالَ له: «يا أخي، إنَّ أهلَ الكوفَةِ مَنْ قَدْ عَرَفْتَ غدْرَهُمْ بأبيكَ وأخيكَ، وقَدْ خِفْتُ أنْ يكونَ حالُكَ كَحالِ مَنْ مَضىٰ»([5]).
- الفَرَزْدَقُ الشَّاعِرُ، وَذَلِكَ بَعدَ خُرُوجِ الحُسَينِ لَقِي الفَرَزْدَقَ الشَّاعِرَ، فَقَالَ لَه: مِن أَينَ؟ قَالَ: مِنَ العِرَاقِ، قَالَ: كَيفَ حَالُ أَهْلِ العِرَاقِ؟ قَالَ: قُلُوبُهُم مَعَكَ، وسُيُوفُهُم مَعَ بَنِي أُمَيَّةَ. فَأَبَىٰ إِلَّا أَنْ يَخْرُجَ وَقَالَ: اللهُ المُسْتَعَانُ([6]).
([1]) «البداية والنهاية» (٨/١٦١).
([2]) «البداية والنهاية» (٨/١٦٢).
([3]) «البداية والنهاية» (٨/١٦٣).
([4]) «البداية والنهاية» (٨/١٦٣).