مَوقِفُ أَهْلِ السُّنَّةِ والجَمَاعَةِ من بَيْعَةِ يَزِيدَ بنِ مُعَاويةَ:

  أَهْلُ السُّنَّةِ والجَمَاعةِ يَقُولُون: إِنَّ البَيعَةَ صَحِيحةٌ، ولَكِنَّهُم عَابُوا هَذه البَيعَةَ لأَمْرَينِ اثْنَينِ:

  الأَوَّلُ: إِنَّ هَذه بِدْعَةٌ جَدِيدَةٌ، وَهِي أَنَّه جَعَلَ الخِلَافةَ في وَلَدِه، فَكَأَنَّهَا صَارَتْ وِرَاثةً بعدَ أَنْ كَانَت شُورَىٰ وتنصيصاً علىٰ غيرِ القَرِيبِ، فَكَيفَ قَرِيبٌ وابنٌ مُبَاشِرٌ، فَمِن هَذا المُنْطَلَقِ رُفِضَ المَبْدَأُ بِغَضِّ النَّظرِ عن الشَّخْصِ، فَهُم رَفَضَوا مَبْدَأَ أَن يَكُونَ الأَمْرُ وِرَاثةً.

  الثَّاني: أَنَّه كَانَ هُنَاكَ مَنْ هُم أَوْلَىٰ مِن يَزِيدَ بالخِلَافةِ كابنِ عُمَرَ، وابنِ الزُّبيرِ، وابنِ عَبَّاسٍ، والحُسَينِ، وغَيرهم كَثِيرٌ أو أَنَّ يَزيدَ ليسَ أهلاً للخِلافَةِ.

  قَالَ ابنُ العَرَبي: «إِنَّ مُعَاويةَ تَرَكَ الأَفْضَلَ في أَنْ يَجْعَلَهَا شُورَىٰ وَأَنْ لَا يَخُصَّ فِيهَا أَحَداً من قَرَابته فَكَيفَ وَلَداً؟! وإِنَّه عَقَدَ البَيعَةَ لابْنهِ وَبَايَعَهُ النَّاسُ فَانْعَقَدَتْ شَرْعاً»([1]).

  أَمَّا مِن وجْهَةِ نَظَرِ الشِّيعةِ؛ فَإِنَّهُم يَرَوْنَ الإمَامَةَ وَالخِلَافةَ في عَلِيٍّ وَأَبْنَائِه فَقَط، فَهُم لَا يَعِيبُونَ بيعةَ يَزِيدَ بِذَاتِها وإِنَّما يَعِيبُونَ كُلَّ بَيعَةٍ لَا  تَكُونُ لِعَلِيٍّ وَأَوْلَادِه، وَعَلَىٰ هَذا الأَسَاسِ، فَهُم يَعِيبُونَ بَيعَةَ أَبي بَكْرٍ، وعُمَرَ، وعُثْمَانَ، ومُعَاويةَ كُلَّها بِغضِّ النَّظَرِ عن المُبَايَعِ له؛ لأَنَّهُم يَرَوْنَ أَنَّها نَصٌّ لِعَلِيٍّ وأَبْنَائِه إِلَىٰ أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ.

 

([1])    «العواصم مِنَ القواصم» ص٢٢٨.