سَبَبُ وَفَاة الحَسَنِ بنِ عَليٍّ
20-03-2023
وأمَّا سَبَبُ وَفَاتِه:
فقَالَ عُميرُ بنُ إسحاقَ: دَخَلْتُ أَنَا وصَاحِبٌ لِي عَلَىٰ الحَسَنِ بنِ عَليٍّ نَعُودُه، فَقَالَ لِصَاحِبي: يَا فُلانُ، سَلْنِي؟
قَالَ: مَا أَنَا بِسَائِلِكَ شَيئاً. ثُمَّ قَامَ مِن عِندِنا فَدَخَلَ كَنِيفاً لَهُ ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ: أَي فُلَانُ، سَلْنِي قَبْلَ أَنْ لَا تَسْأَلني، فَإِنِّي واللهِ قَدْ لَفَظْتُ طَائِفةً من كَبِدِي قَبْلُ قَلَّبْتُهَا بِعُودٍ كَانَ مَعِي، وإِنِّي قَدْ سُقِيْتُ السُّمَّ مِرَاراً، فَلَم أُسْقَ مِثْلَ هَذَا فَسَلْنِي.
فَقَالَ: مَا أَنَا بِسَائِلِكَ شَيْئاً، يُعَافِيكَ اللهُ إِنْ شَاءَ اللهُ.
ثُمَّ خَرجْنا فَلَمَّا كَانَ الغَدُ أَتيْتُه وَهُو يَسُوقُ، فَجَاءَ الحُسَينُ فَقَعَدَ عندَ رَأْسهِ فَقَالَ: أَيْ أَخِي: أَنْبِئْنِي مَنْ سَقَاكَ.
قَالَ: لِمَ؟ أَتقْتُلُه؟ قَالَ: نَعَم.
قَالَ: مَا أَنَا بِمُحَدِّثِكَ شَيْئاً، إِنْ يَكُ صَاحِبي الذي أَظُنُّ فَاللهُ أَشَدُّ نِقْمةً، وإِلَّا فَواللهِ لَا يُقْتَلُ بي بَرِيْءٌ([1]).
وقِيلَ: إِنَّ الّتِي سَقَتْهُ السُّمَّ زَوجَتُهُ جَعْدَةُ بِنْتُ الأَشْعَثِ، وَلَكِنَّه لَمْ يَثْبُتْ.
وقالَ ابنُ كَثيرٍ: «وَرَوىٰ بَعْضُهُمْ أَنَ يَزيدَ بْنَ مُعاوِيةَ بَعَثَ إلىٰ جَعْدَةَ بنْتِ الأَشْعَثِ: أنْ سُمّي الحَسَنَ وَأَنا أَتَزَوَّجُكِ بَعْدُ فَفَعَلَتْ، فَلَمَّا مَاتَ الحَسَنُ بَعَثَتْ إليهِ، فَقالَ: إنَّا واللهِ لَمْ نَرْضَكِ لِلْحَسَنِ، أَفَنَرْضاكِ لِأنْفُسِنا؟!».
قَالَ ابنُ كَثِيرٍ: «وعِنْدِي أَنَّ هَذَا لَيسَ بِصَحِيحٍ»([2]).
وقَالَ الذَّهَبِيُّ: «هَذَا شَيء لَا يَصِحُّ فَمَنِ الَّذي اطَّلَعَ عَليه»([3]).
قُلْتُ: لا شَكَّ في صِحَةِ كَلامِ ابْنِ كَثيرٍ، وإلا فَمَنْ تَتْركِ الحَسَنَ حتَّىٰ تَتَزَوَّجَ بِيَزيدَ؟!
وَصَلَّىٰ عَلَيْهِ سَعيدُ بْنُ العاصِ أَميرُ المَدينَةِ، ودُفِنَ رضي الله عنه بالبَقيعِ
قالَ مساورٌ السَّعْديُّ: رَأْيتُ أبا هُريرَةَ قائِماً علىٰ مَسْجِدِ رَسولِ اللهِ ﷺ يَوْمَ مَاتَ الحَسَنُ؛ يَبْكي وَيُنادي بِأَعْلىٰ صَوْتِهِ: يا أيّها الناس! ماتَ اليَومَ حِبُّ رَسولِ اللهِ ﷺ، فابْكوا([4]).
([1]) أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (٣٧٣٥٩).
([2]) «البداية والنهاية» (٨/٤٤).