المأخذُ الرابعُ: إحراقُ المَصَاحفِ
20-03-2023
المأخذُ الرابعُ: إحراقُ المَصَاحفِ:
قَدِمَ حذيفةُ بنُ اليمانِ عَلَىٰ عُثمانَ رضي الله عنه وأخبره أنَّ النَّاسَ قد افْتَرَقُوا في القرآنِ، واخْتَلَفُوا اخْتِلَافاً شَدِيداً، حَتَّىٰ إنّه يُخْشَىٰ عليهم من الكُفرِ بالقرآنِ، فَطَلبَ من عُثمانَ أن يَجمعَ النَّاسَ علىٰ قِرَاءةٍ واحِدَةٍ، وأن يَجْمعَ القرآنَ مرَّةً ثانيةً([1]).
فأَمَرَ عُثمانُ رضي الله عنه بجمعِ القُرْآنِ مرَّةً ثانيةً، وأمرَ بإحراقِ ما خالفَهُ.
والمَصَاحِفُ التي أَحْرَقَهَا عُثمانُ فيها أَشْيَاءُ مِنْ مَنْسوخِ التِّلَاوةِ، وقد أَبْقَاه بعضُ الصَّحَابةِ. وفيها: ترتيبُ السّورِ علىٰ غيرِ التَّرتيبِ الذي في العَرْضَةِ الأَخِيرةِ التي عَرَضَها جِبريلُ علىٰ النَّبيِّ.
وفي بعضِ المَصَاحفِ تَفْسيراتٌ لبعضِ الصَّحابةِ، لذلك أَمَرَ عُثمانُ بإِحْراقِ تلكَ المَصَاحفِ، وكَتَبَ المُصْحفَ الوَحِيدَ وفيه القراءاتُ، ولم يَلغِ القِراءاتِ الثَّابتةَ عَنِ النَّبيِّ. وقَالَ بعضُ أهلِ العِلْمِ: بل تَرَكَ حَرْفاً وَاحِداً فقط، وهو مَا كَانَ علىٰ لِسَانِ قُرَيشٍ. قال ابنُ العربيِّ رحمه الله عن جَمعِ القُرْآنِ وإِحْرَاقِ بَقيَّةِ المَصَاحفِ: «تِلك حَسَنَتُه العُظْمَىٰ، وخَصْلَتُه الكُبْرَىٰ، فإِنَّه حَسَمَ الخِلافَ وحَفِظَ اللهُ القُرآنَ علىٰ يَدَيهِ»([2]). فَهذِه مَنْقَبةٌ لِعُثْمانَ، جَعَلُوهَا من مَسَاوِئِه ومَثَالِبِه رضي الله عنه.
ومَنْ يك ذا فمٍ مُرٍّ مريضٍ
يجد مُرّاً به الماء الزُّلالا