المبحث الثالث

أَهَمُّ الأحداثِ في خِلَافَةِ أبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ

أولاً: إنفاذ جيش أسامة  رضي الله عنه:

  كانَ النَّبِيُّ قد جهّزَ جَيْشَ أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ لغزوِ الرومِ في الشَّامِ، فمـاتَ رَسُولُ  الله قبلَ أنْ يخرجَ الجيشُ، فتردَّدَ الصَّحَابَةُ في إرسالِ هذا الجيشِ خوفاً علىٰ المدينةِ خاصةً بعدَ أنْ جاءهمُ الخبرُ عَن رِدَّةِ كثيرٍ مِنَ العَرَبِ، وأصرَّ أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ علىٰ إرسالهِ، وقالَ: واللهِ لا أحلُّ عقدةً عقدَها رَسُولُ  الله ولو أنَّ الطَّيرَ تخطفنا، والسباعَ من حولِ المدينةِ، ولو أنَّ الكلابَ جَرَتْ بأرجلِ أُمَّهاتِ المُؤْمِنِينَ، لأجهزنَّ جَيْشَ أُسَامَةَ، وأَمرَ الحرسَ يكونون حولَ المدينةِ. فكان خروجُ الجيشِ في ذلك الوقتِ من أكبرِ المصالحِ والحالةُ تلك، فصاروا لا يمرّونَ بحيٍّ مِن أحياءِ العَرَبِ إِلَّا أُرْعِبوا منهم.

  وقالوا: ما خرجَ هؤلاء من قومٍ إلَّا وبهم مَنَعةٌ شديدةٌ. فأقاموا أربعينَ يوماً، ويقالُ: سبعينَ، ثُمَّ قَفَلوا سالمينَ غانمينَ.