دفاع ابو بكر عن النبي
19-03-2023
دفاعه عن النبي ﷺ:
١ ــــ عن عائشةَ زَوْجِ النبَّي ﷺ، قالَت: لَمَّا أَسلَم أبو بكرٍ قَام خَطيباً، فكانَ أول خُطْبَتِهِ دعا إلىٰ الله ، وإلىٰ رَسوله، فثارَ المشركونُ علىٰ أبي بكرٍ وعلىٰ المسلمينَ، فَضُرِبوا ضَرباً شديداً، وَوُطِئَ أبو بكرٍ، وضُرِب ضرباً شديداً، وَدَنا منه عُتبة بنُ ربيعةَ، فَجَعل يَضْرِبُه بنعلينِ مَخْصُوفَتينِ وَيحْرِفُهما لِوَجْهِهِ، فَنَزَلَ علىٰ بَطْنِ أبي بكرٍ حتىٰ ما نَعْرِفُ أَنْفَهُ من وَجْهِهِ. فجاءَت بَنُو تَيم، فَحَمَلتْ أبا بكرٍ في ثَوبٍ حتىٰ أَدْخَلوه مَنْزِلَهُ لا يَشُكُّون في مَوتهِ، فقالُوا: واللهِ لَئِنْ ماتَ أَبو بكرٍ لَنَقْتُلَنَّ عُتبة بنَ ربيعةَ. ورجعوا إلىٰ أبي بكر فَجَعَل أبو قُحافةَ وبنو تَيم يُكَلِّمون أبا بكرٍ حتىٰ أجابَ، فَتَكَلمَّ في آخرِ النَّهارِ.
فقالَ: ما فَعَلَ رسولُ الله ﷺ؟ فَمَسُّوا منه بِأَلْسِنَتِهم وعَذَلُوه وقاموا، وقالَوا لأُمه أُمِّ الخَيرِ بِنتِ صَخْرٍ: انظري أن تُطعمينهَ شيئاً، أوِ تَسْقِينَه إِيَّاه، فَلَمَّا خَلَتْ بِه أَلحَّت عليه، جعل يقول: ماَ فعَلَ رسولُ الله ﷺ؟ قالَت: والله ما لي عِلْمٌ بصاحِبِكَ.
قالَ: فاذهبي إلىٰ أُمِّ جميلٍ بنتِ الخطابِ فسليها عنه، فَخَرَجَت حتىٰ جاءت أُمَّ جميل، فقالَتْ: إن أبا بكرٍ يسأَلُكِ عن مُحمدِ بنِ عبِد الله، قالَت: ما أَعْرِفُ أبا بكرٍ ولا محمدَ بنَ عَبدِ الله([1])، وإِن تُحِبينَ أن أَمْضِي مَعَكِ إلىٰ ابْنِكِ فَعَلْتُ قالَت: نَعَم فمَضَت معها حتىِٰ وجَدَت أبا بكرٍ صَريعاً دَنِفاً، ضربت أُمُّ جميلٍ، وأَعْلَنت بالصِّياح، وقالَت: واللهِ إِنَّ قوماً نالوا مِنْكَ هذا لأَهْلُ فِسْقٍ وَكُفْرٍ، وإِنَّي لأرجو أن يَنْتَقِمَ اللهُ لَكَ.
قالَ: فما فَعَلَ رسول الله ﷺ؟ قالَت: هذه أُمُّكَ تَسْمَعُ، قالَ: فلا عَينَ عليك منها، قالَت: سالمٌ صحيحٌ، قالَ: فأين هو؟ قالَت: في دارِ أَبي الأَرْقَم.
قالَ: فِإنَّ للهِ عليَّ أَلَّا أذوقَ طعاماً، أو أَشرب شراباً حتىٰ آتي رسولَ الله ﷺ، فَأَمهلتا حتىٰ إذا هَدَأَتِ الرِّجْل، وسكن الناسُ، خرجتا به يَتَّكِئُ عليهما حتىٰ أَدْخلتاه علىٰ النبي ﷺ، فَأَكَبَّ عليه رَسولُ الله ﷺ يُقَبّله، وَأَكَبَّ عليه المسلمون، وَرَقَّ رسول الله ﷺ رِقَّةً شديدةً.
فقالَ أبو بكر: بِأَبي أنت وأمي، ليس بي بأسٌ إلا ما نالَ الفاسقُ مِنْ وَجْهي، وهذه أُمِّي برةٌ بوالديها، وأَنْتَ مُبارك، فادعها إلىٰ الله ، وادْعُ اللهَ لها عَسَىٰ أَنْ يَسْتَنْقِذَها بِكَ مِنَ النَّارِ، فَدَعا لها رسولُ اللهِ ﷺ، ثُمَّ دَعاها إلىٰ اللهِ ، فَأَسْلَمَت([2]).