هِجْرَة ابو بكر الثانِيةُ
19-03-2023
هِجْرَتُهُ الثانِيةُ:
تَشَرَّفَ أبو بكرٍ الصِّدِّيق وتَمَيَّزَ عن سائِرِ أصحابِ النَّبيِّ ﷺ بأشياءَ كثيرةٍ، ومنْها: اخْتِيارُ النَّبيِّ ﷺ لهُ لِيَكونَ رَفيْقاً لهُ في هِجْرَتِهِ.
وعَنْ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه قالَ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ ﷺ وَأَنَا فِي الغَارِ: لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لأَبْصَرَنَا، فَقالَ: «مَا ظَنُّكَ يَا أَبَا بَكْرٍ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا؟»([1]).
وفيه نزل قوله تعالىٰ: ﴿إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ ٱثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي ٱلْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَا... ٤٠﴾ [التوبة: ٤٠].
قالَ ابن كثير رحمه الله: يقول تعالىٰ: ﴿إِلَّا تَنْصُرُوهُ... ٤٠﴾ ؛ أي: تنصروا رسوله، فِإنَّ اللهَ ناصِرُه ومُؤَيِدُه وكاِفيه وحافظُه، كما تولىٰ نصره ﴿.. إِذْ أَخْرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ ٱثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي ٱلْغَارِ... ٤٠﴾ ؛ أي: عامَ الهِجْرَةِ، لمَّا هَمَّ المشركونُ بِقَتْلِه أو حَبْسِه أو نَفْيِه، فَخَرَجَ منهم هارباً صُحْبَةَ صِدِّيقه وصاحبهِ أبي بكرِ بن أبي قحافة، فَلَجَأَ إلىٰ غار ثورٍ ثلاثةَ أَيَّامٍ لِيَرْجِع الطَّلَبُ الذين خَرَجُوا في آثارِهم، ثُم يَسيرا نَحْوَ المَدينةِ، فَجَعَلَ أبو بكر رضي الله عنه، يَجْزَعُ أن يَطَّلع عليهم أَحَدٌ، فيخلصُ إلىٰ الرسول ﷺ منهم أذىٰ، فجعل النبي ﷺ يُسَكِّنه ويَثبِّته ويقول: «يا أبا بكرٍ، ما ظَنُّكَ باثنينِ اللهُ ثالِثُهما»([2]).