حادثة النبي ﷺ مع الراهب بحيرىٰ
12-03-2023
ولما بلغ رسول الله ﷺ اثنتي عشرة سنة، خرج مع عمه أبي طالب إلىٰ الشام في تجارة له، فمرَّ الركب علىٰ راهب يقال له: بحيرىٰ، في مكان يقال: له بصرىٰ. ولما نزل به أبو طالب ومن معه أكرم ضيافتهم ثمّ قال: من معكم؟ قالوا: نحن. قال: ما معكم أحد آخر؟ قالوا: معنا صبي عند متاعنا. قال: ائتوني به. فلما جاء النبي ﷺ ورآه بحيرىٰ الراهب نظر في وجهه، وكان يعرف أن هذا الوقت وقت خروج نبي، ثمّ بحث فوجد خاتم النبوة، وهو عبارة عن ورمة في كتف النبي ﷺ من الخلف بحجم البيضة.
فقال بحيرىٰ لأبي طالب: إنكم حينما أشرفتم من العقبة لم يبق حجر ولا شجر إلا وخرّ ساجداً، ولا تسجد هذه إلا لنبي، وإني أعرفه بخاتم النبوة في أسفل غضروف كتفه، مثل التفاحة وقد وجدناه في كتبنا، فارجع به فإني أخاف عليه اليهود([1])، فرجع به إلىٰ مكة([2]).
قال الذهبي رحمه الله: «وهو حديث منكر جدّاً؛ وأين كان أبو بكر؟ كان ابن عشر سنين، فإنه أصغر من رسول الله ﷺ، بسنتين ونصف. وأين كان بلال في هذا الوقت؟ فإنّ أبا بكر لم يَشْتَرِه إلّا بعد المبعث، ولم يكن ولد بعد.
وأيضاً فإذا كان عليه غمامة تظلّه كيف يتصوّر أن يميل فيء الشجرة؟ لأنّ ظلّ الغمامة يعدم فيء الشجرة التي نزل تحتها، ولم نر النبي ﷺ ذكر أبا طالب قط بقول الرّاهب، ولا تذاكرته قريش، ولا حكته أولئك الأشياخ، مع توفّر هممهم ودواعيهم على حكاية مثل ذلك، فلو وقع لاشتهر بينهم أيّما اشتهار، ولبقي عنده ﷺ حسّ من النبوة، ولما أنكر مجيء الوحي إليه أولاً بغار حراء وأتى خديجة خائفاً على عقله، ولما ذهب إلى شواهق الجبال ليرمي نفسه ﷺ([3]).
وأيضاً فلو أثّر هذا الخوف في أبي طالب وردّه، كيف كانت تطيب نفسه أن يمكّنه من السّفر إلى الشام تاجراً لخديجة؟ وفي الحديث ألفاظ منكرة، تشبه ألفاظ الطّرقيّة»([4]).