هي أحَبُّ النّاسِ إِلى النَّبي ، وَكانَ النّاسُ يَتَحَرَّوْنَ بِهَداياهُمْ يَوْمَها ابْتِغاءَ مَرْضاةِ النَّبي ([1]).

وَعَنْ عَمْرِو بْنِ العاصِ  رضي الله عنه أنَّ رَسولَ الله  بَعَثَهُ عَلى جَيْشِ ذاتِ السَّلاسِلِ فاتَيْتُهُ فَقُلْتُ: أيُّ النّاسِ أحَبُّ إِلَيْكَ؟ قالَ: «عائِشَةُ». قُلْتُ: مِن الرِّجالِ. قالَ: «أبوها»([2])

وَعَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ  رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ الله : «فَضْلُ عائِشَةَ عَلَى النِّساءِ كَفَضْلِ الثَّريدِ عَلَى سائِرِ الطَّعامِ»([3]).

وَعَنْها  رضي الله عنها أنَّ رَسولَ الله  قالَ لَها: «يا عائِشَةُ، هَذا جِبْريلُ يَقْرأ عَلَيْكِ السَّلامَ». فَقالَتْ: «وَعَلَيْهِ السَّلامُ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ، تَرَى ما لا أرَى»([4]).

وَقَدْ رَغِبَ النبي ﷺ في أنْ يُمَرَّضَ في بَيْتِها، قالَتْ رَضي اللهُ تَعالَى عَنْها: «إِنْ كانَ رَسولُ الله  لَيَتَفَقَّدُ يَقولُ: «أيْنَ أنا اليَوْمَ؟ أيْنَ أنا غَداً»؟ اسْتِبْطاءً ليوْمِ عائِشَةَ. قالَتْ: فَلَمّا كانَ يَوْمي قَبَضَهُ الله بَيْنَ سَحْري وَنَحْري»([5]).

وَكانَ يَقولُ مِنْ شِدَّةِ حُبِّهِ لَها: «إِنَّهُ لَيُهَوِّنُ عَلَيَّ المَوْتَ أنّي أُريتُكِ زَوْجَتي في الجَنَّةِ»([6]).

وَفي رِوايَةٍ أنَّه قالَ لَها: «أما تَرْضَيْنَ أنْ تَكوني زَوْجَتي في الدُّنْيا والآخِرَةِ»؟ فَقالَتْ: بَلَى واللهِ، قالَ: «فأنْتِ زَوْجَتي في الدُّنْيا والآخِرَةِ»([7]).

وَكانَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ يَهْتَمُّ بِرِضاها عَنْهُ، فَكانَ يَعْرِفُ مَتَى تَكونُ عَنْهُ راضيةً، وَمَتَى تَكونُ غَضَبَى، قالَتْ  رضي الله عنها: «قالَ لي رَسولُ الله : «إِنّي لأعْلَمُ إِذا كُنْتِ عَنّي راضيةً، وإذا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى». قالَتْ: فَقُلْتُ: وَمِنْ أيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ؟ قالَ: «أمّا إِذا كُنْتِ عَنّي راضيةً فإنَّكِ تَقولينَ: لا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، وإذا كُنْتِ غَضْبَى قُلْتِ: لا وَرَبِّ إِبْراهيمَ». قالَتْ: قُلْتُ: أجَلْ، واللهِ يا رَسولَ الله ما أهْجُرُ إِلّا اسْمَكَ»([8]).

وَقالَ النَّبي ﷺ لِفاطِمَةَ ــ وَكانَ مُضْطَجِعاً مَعَ عائِشَةَ في مِرْطِها ــ : «أيْ بُنَيَّةُ، ألَسْتِ تُحِبّينَ ما أُحِبُّ»؟ فَقالَتْ: بَلَى. قالَ: «فاحِبّي هَذِهِ»([9]).

وَقالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ لِأُمِّ سَلَمَةَ: «لا تُؤْذيني في عائِشَةَ؛ فإنَّهُ واللهِ ما نَزَلَ عَلَيَّ الوَحْيُ وأنا في لِحافِ امْراةٍ مِنْكُنَّ غَيْرِها»([10]).

وأنْزَلَ اللهُ تَبارَكَ وَتَعالى بَراءَتَها وَحْياً يُتْلَى، وَما أعْظَمَهُ مِنْ تَكْريمٍ.

يَقولُ القُرْطُبي رحمه الله: «قالَ بَعْضُ أهْلِ التَّحْقيقِ: إِنَّ يوسُفَ عليه السلام لَمّا رُمي بِالفاحِشَةِ بَرّأهُ اللهُ عَلَى لِسانِ صَبي في المَهْدِ. وإنَّ مَرْيَمَ لَمّا رُميتْ بِالفاحِشَةِ بَرّأها اللهُ عَلَى لِسانِ ابْنِها عيسَى صَلَواتُ الله عَلَيْهِ. وإنَّ عائِشَةَ لَمّا رُميتْ بِالفاحِشَةِ بَرّأها اللهُ تَعالَى بِالْقُرْآنِ، فَما رَضي لَها بِبَراءَةِ صَبي وَلا نَبي حَتَّى بَرّأها اللهُ بِكَلامِهِ مِن الْقَذْفِ والْبُهْتانِ»([11]).

 

([1])       أَخْرَجَهُ البُخاري (2435)، وَمُسْلِمٌ (2441) مِنْ حَديثِ عائِشَة  رضي الله عنها.

([2])      أَخْرَجَهُ البُخاري (3462)، وَمُسْلِمٌ (2384).

([3])      أَخْرَجَهُ البُخاري (3559)، وَمُسْلِمٌ (2446)، وأخرجاه أيضاً مِنْ حَديثِ أَبي موسَى الأَشْعَري  رضي الله عنه.

([4])      أَخْرَجَهُ البُخاري (3045)، وَمُسْلِمٌ (2447).

([5])      أَخْرَجَهُ البُخاري (1323)، وَمُسْلِمٌ (2443).

([6])      أَخْرَجَهُ ابْنُ المُبارَكِ في«الزُّهْدِ» (1/382)، والطَّبَراني في «الكَبيرِ» (23/39)، وابْنُ أَبي عاصِمٍ في «الآحاد» (5/390) مِنْ حَديثِ عائِشَةَ  رضي الله عنها، وَحَسَّنَهُ الأَلبْاني في «السِّلْسِلَةِ الصَّحيحَةِ» (2867).

([7])       أَخْرَجَهُ الحـاكِمُ (4/11) مِنْ حَديثِ عائِشَةَ  رضي الله عنها، وَصَحَّحَهُ الأَلبْاني
في «السِّلْسِلَةِ الصَّحيحَةِ» (2255).

([8])      أَخْرَجَهُ البُخاري (4930)، وَمُسْلِمٌ (2439).

([9])      أَخْرَجَهُ َمُسْلِمٌ (2442) مِنْ حَديثِ عائِشَةَ  رضي الله عنها.

([10])    أَخْرَجَهُ البُخاري (3564) مِنْ حَديثِ عائِشَةَ  رضي الله عنها.

([11])     تَفْسيرُ القُرْطُبي (12/212).