قال ابن القيم رحمه لله: «الناس في صلاتهم علىٰ مراتب:

الأولىٰ: مرتبة الظالم لنفسه المفرط، وهو الذي انتقص من وضوئها ومواقيتها وحدودها وأركانها، وهذا معاقب»؛ أي: لتقصيره.

الثانية: «من يحافظ علىٰ مواقيتها وحدودها وأركانها الظاهرة ووضوئها، لكن قد ضيع مجاهدة نفسه في الوسوسة، فذهب مع الوساوس والأفكار، وهذا محاسب»؛ أي: علىٰ تقصيره في الصلاة.

الثالثة: «من حافظ علىٰ حدودها وأركانها، وجاهد نفسه في دفع الوساوس والأفكار، فهو مشغول بمجاهدة عدوه»؛ أي: الشيطان «لئلا يسرق صلاته، فهو في صلاة وجهاد، وهذا مكفر عنه»؛ أي: يكفر عنه ما وقع منه من خطإ في الصلاة.

الرابعة: «من إذا قام إلىٰ الصلاة أكمل حقوقها وأركانها وحدودها، واستغرق قلبه مراعاة حدودها وحقوقها؛ لئلا يضيع شيء منها، بل همه كله مصروف إلىٰ إقامتها كما ينبغي وإكمالها وإتمامها، قد استغرق قلبه شأن الصلاة، وعبودية ربه تبارك وتعالىٰ، وهذا مثاب»؛ أي: مأجور عند الله.

الخامسة: «من إذا قام إلىٰ الصلاة قام إليها كذلك»؛ أي: كالذي قبله «ولكن مع هذا قد أخذ قلبه ووضعه بين يدي ربه عز وجل، ناظراً بقلبه إليه»؛ أي: إلىٰ الله تبارك وتعالىٰ: «مراقباً له، ممتلئاً من محبته وعظمته كأنه يراه ويشاهده، وقد اضمحلت تلك الوساوس والخطرات، وارتفعت حُجُبُها بينه وبين ربه، فهذا بينه وبين غيره من الصلاة»؛ أي: في صورة الصلاة «أفضل وأعظم مما بين السماء والأرض، وهذا في صلاته مشغول بربه جلَّ وعلا قرير العين، وهذا مقرب من ربه»([1]).

هذا ما تيسر جمعه من أحكام الصلاة، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 

([1])    انظر: «الوابل الصيب» ص34 ــ 35.