حالات جواز التيمم
08-03-2023
ويجوز التيمم في حالتين:
الأولىٰ: عند عدم وجود الماء، أو أن يكون الماء الذي عنده قليل لا يكفي إلا لشربه، أو يكون الماء بعيداً ولا يستطيع الوصول إليه؛ فهذا الماء وجوده كعدمه.
الثانية: أن يجد الماء ولا يستطيع أن يستخدمه لمرض أو لخطر: والمرض كأن يكون الماء يُضِرُّ به، كما ثبت عن النبي ﷺ؛ أنه خرج بعض الناس في زمنه فاحتلم أحدهم ــ وكان في رأسه شجة ــ فقال للناس: هل تجدون لي رخصة بأن لا أغتسل؟ قالوا: لا. فاغتسل فمات، فقال النبي ﷺ: «قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا حين جهلوا، ألا إن شفاء العي السؤال»([1]).
وكذلك ما ثبت عن عمرو بن العاص رضي الله عنه؛ أنه وجب عليه الغسل، فترك الاغتسال وتيمم وهو عند البحر، فسأله النبي ﷺ، فقال: وجدتُ الماء بارداً، وتذكرت قول الله تعالىٰ: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: 29]، فتبسم النبي ﷺ ولم يقل شيئاً([2])، وهذا إقرار من النبي ﷺ علىٰ جواز التيمم إن خشي علىٰ نفسه الضرر.
ويجوز التيمم علىٰ كل ما صعد علىٰ الأرض من ترابٍ أو رملٍ أو حجارة أو ما شابهها، والأفضل هو التراب؛ لقول النبي ﷺ: «جُعلتْ لي الأرضُ مسجداً وتربتها طهوراً»([3])، ولكن إذا عدم التراب؛ فإنه لا بأس أن يتحول إلىٰ غيره، والتراب هو ما كان له غبار.
وإذا تيمم الإنسان فله أن يصلي بهذا التيمم ما شاء من الصلوات، فلو دخل وقت الظهر ثم العصر ثم المغرب فإنه يصليها، ولا ينتقض التيمم بمجرد انتهاء الصلاة؛ لأنه بدلٌ عن الماء، فيأخذ جميع أحكام الماء.
ويختلف التيمم عن الماء بأن الماء إذا مسه الإنسان بشرته ــ أي: توضأ للصلاة ــ فإنه لا يبطل هذا الوضوء إلا بنواقض الوضوء التي ذكرناها، أما التيمم فإنه ينتقض بنواقض الوضوء كذلك، ويزيد التيمم مع هذا شيئاً آخر وهو حضور الماء أو بالقدرة علىٰ استخدامه؛ لحديث أبي ذر رضي الله عنه؛ أن النبي ﷺ قال: «إن الصعيد الطيب وضوء المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجده فليمسه بشرته، فإن ذلك هو خير»([4]).
([3]) أخرجه البخاري (335)، ومسلم (521)، من حديث جابر رضي الله عنه.
([4]) أخرجه أحمد (21568)، وأبو داود (332)، والترمذي (124)، والنسائي (322).