أخي أُخَيَّتي:

هل تعلمون أن الحجَّ إلى مشاهد الأئمة أعظم أجراً عند علمائكم من أداء الركن الخامس من أركان الإسلام؟!

وهذا يُعَدُّ صورة جلية من صور غلوهم في الأئمة بعد موتهم، حيث وضعت روايات تنص على ثواب خيالي لمن يزور قبورهم.

ونظرة إلى كم الروايات المؤلفة في هذا الشأن تدل على حجم الغلو، والإفراط في وضع الأحاديث، ففي «بحار الأنوار» للمجلسي أفرد لها (كتاب المزار) في ثلاثة مجلدات، وهي برقم: 97، 98، 99، وفي «وسائل الشيعة»([1])، للحر العاملي (أبواب المزار) وبلغت هذه الأبواب (106) باباً. وانظر: «من لا يحضره الفقه»([2]) وهو أحد أصولهم المعتبرة، و«تهذيب الأحكام»([3]) ــ أحد الأصول الأربعة المعتبرة ــ ففيهما أبواب كثيرة تعظم المشاهد، والقبور، ومناجاة الأئمة بأدعية تتضمن تأليههم.

ولأهمية هذا الغرض عندهم، فقد أُلّفت في الزيارات، ومناسكها كتبٌ مستقلة مثل كتاب «المزار» لمحمد بن علي الفضل، و«المزار» لمحمد بن المشهدي، وكتاب «كامل الزيارات» لابن قولويه القمي، «وشرح زيارة الجامع الكبير» للإحسائي، وكتاب «نور العين في المشي إلى قبر الحسين» للأصطهبناتي، و«المزار» لمحمد بن همام، و«المزار» لمحمد بن أحمد بن داود، وغيرها([4]).

وهذه طائفة من هذه المجازفات:

عن أبي عبد الله: «إن الله يبدأ بالنظر إلى زوار قبر الحسين بن علي (ع) عشية عرفة قبل نظره إلى أهل الموقف، قال (الراوي): وكيف ذلك؟ قال أبو عبد الله: لأن في أولئك أولاد زنا، وليس في هؤلاء أولاد زنا».

قال الصادق: «من عرف عند قبر الحسين فقد شهد عرفة» وعرف بمعنى وقت عرفة.

وعن الصادق: «من زار قبر الحسين يوم عرفة كتب الله له أَلفَ ألْف حجة مع القائم (ع)، وألف ألف عمرة مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعتق ألف ألف نسمة، وحمل ألف ألف فرس في سبيل الله، وسماه الله سبحانه وتعالى عبدي الصديق، آمن بوعدي، وقالت الملائكة: فلان الصديق، وزكاه الله من فوق عرشه..» وهل يعقل هذا؟! و«الصلاة في حرم الحسين لك بكل ركعة تركعها عنده كثواب من حج ألف حجة، واعتمر ألف عمرة، وأعتق ألف رقبة، وكأنما وقف في سبيل الله ألف ألف مرة مع نبي مرسل»([5]).

وفي «بحار الأنوار» للمجلسي: «من زار الرضا أو واحداً من الأئمة فصلى عنده.. فإنه يكتب له ــ ثم ذكر ما جاء في النص السابق وزاد ــ وله بكل خطوة مئة حجة، ومئة عمرة، وعتق مئة رقبة في سبيل الله، وكتب له مئة حسنة، وحط عنه مئة سيئة»([6]).

ورووا: «أنَّ زيارة أبي عبد الله عليه السلام تعدل ثلاثين حجة مبرورة متقبلة زاكية مع رسول الله ﷺ»([7]).

ومن زار قبر الحسين (ع) كتب له سبعين حجة، من حجج رسول الله ﷺ بأعمارها؟!([8]).

ثمَّ طغوا فقالوا: عن الرضا قال: «من زار قبر الحسين عليه السلام بشط الفرات، كان كمن زار الله فوق عرشه»!([9]).

عن أبي عبد الله (ع) قال: من زار قبر الحسين بن علي عليه السلام يوم عاشوراء، عارفاً بحقه، كمن زار الله في عرشه»([10]).

هل سمعتم عن كفر تارك زيارة الأضرحة؟!!

ففي «الوسائل»: «عن هارون بن خارجة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عمن ترك الزيارة زيارة قبر الحسين عليه السلام من غير علة، فقال: هذا رجل من أهل النار»([11]).

وقد عقد لذلك المجلسي باباً بعنوان: «باب أن زيارته (يعني: زيارة الحسين) واجبة مفترضة مأمور بها، وما ورد من الذم والتأنيب والتوعد على تركها»([12]) وذكر فيه حديثاً من أحاديثهم.

ويزعمون أن ثواب من زار قبره مثل ثواب مئة ألف شهيد من شهداء بدر([13]).

* ومن أتاه تشوقاً كتب الله تعالى له ألف حجة مقبولة، وألف عمرة مبرورة، وأجر ألف شهيد من شهداء بدر وأجر ألف صائم، وثواب ألف صدقة مقبولة، وثواب ألف نسمة عتق أريد بها وجه الله تعالى([14]).

* وأن زيارته تعدل الحج والعمرة والجهاد في سبيل الله تعالى وعتق الرقاب([15])، وأن الأنبياء والرسل والملائكة يأتون لزيارته ويدعون لزواره، ويبشرونهم، ويستبشرون بهم([16]).

وعن ابن مسكان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: «إن الله تبارك وتعالى يتجلى لزوار الحسين ــ صلوات الله عليه ــ قبل أهل عرفات ويقضي حوائجهم، ويغفر من ذنوبهم، ويشفعهم في مسائلهم، ثم يثني بأهل عرفات فيفعل ذلك بهم»([17]).

بل بلغ السيل الربى، فرووا أن الله يزور الحسين!!!

فعن صفوان الجمال قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: «هل لك في قبر الحسين عليه السلام؟ قلت: وتزوره جعلت فداك؟ قال: وكيف لا أزوره، والله يزوره كل ليلة جمعة يهبط مع الملائكة إليه والأنبياء والأوصياء، ومحمد أفضل الأنبياء ونحن أفضل الأوصياء، قلت: جعلت فداك فنزوره في كل جمعة حتى ندرك زيارة الرب، قال: نعم يا صفوان، إلزم ذلك تكتب لك زيارة قبر الحسين عليه السلام وذلك تفضيل».

 

([1])     (2/429).

([2])    (6/3،116).

([3])    انظر: «وسائل الشيعة» (20/48، 49).

([4])    انظر هذه الروايات في: «الوافي» للفيض الكاشاني المجلد 14 (8/1461 ــ 1478).

([5])    «بحار الأنوار» (97/137، 138).

([6])    «ثواب الأعمال» لابن بابويه (ص52)، «وسائل الشيعة» للحر العاملي (10/350، 351).

([7])    «وسائل الشيعة» (10/351، 352).

([8])    «بحار الأنوار» (98/69، 70)، «ثواب الأعمال» لابن بابويه القمي ص85.

([9])    «مستدرك الوسائل» (10/291)، «بحار الأنوار» (98/105)، «الإقبال» (ص567) لعلي بن موسى بن جعفر المعروف بابن طاوس المتوفى سنة 664هـ، وكتاب «المزار» للمفيد (ص51)، و«مصباح المتهجد» للطوسي (ص771).

([10])  «وسائل الشيعة» (10/336، 337).

([11])   انظر «بحار الأنوار» للمجلسي (98/1 ــ 11).

([12])  «بحار الأنوار» (98/17).

([13])  «بحار الأنوار» (98/18).

([14])  انظر «بحار الأنوار» (98/28، 44، 51، 68).

([15])  «ثواب الأعمال» (ص82).

([16])  «وسائل الشيعة» (13/374)، و«مدينة المعاجز» (4/208).

([17])  «بحار الأنوار» (98/60).