نقد مراجعة الشيعي عبدالحسين رقم [94]

ذكر عبدالحسين ثلاثة أحاديث يريد أن يثبت من خلالها أنّ أبا بكرٍ وعمر يقدّمان رأيهما علىٰ أمر رسول الله ، ولا يستجيبان لأمره، وثلاثتها معلّةٌ سنداً ومتناً كما سيأتي.

[1] حديث أبي سعيدٍ:

أخرجه أحمد([1])، قال: حدثنا بكر بن عيسىٰ، حدثنا جامع بن مطرٍ الحبطي، حدثنا أبو رؤبة شدّاد بن عمران القيسي، عن أبي سعيدٍ الخدري: أنّ أبا بكرٍ جاء إلىٰ رسول الله  فقال: يا رسول الله! إنّي مررت بوادي كذا وكذا، فإذا رجلٌ متخشّعٌ حسن الهيئة يصلّي، فقال له النبي : «اذهب إليه فاقتله». فذهب إليه أبو بكرٍ، فلمّا رآه علىٰ تلك الحال كره أن يقتله، فرجع إلىٰ رسول الله . قال: فقال النبي  لعمر: «اذهب فاقتله». فذهب عمر فرآه علىٰ تلك الحال الّتي رآه أبو بكرٍ، فكره أن يقتله، فرجع، فقال: يا رسول الله! إنّي رأيته يصلّي متخشّعاً، فكرهت أن أقتله. قال: «يا علي! اذهب فاقتله»، قال: فذهب علي، فلم يره، فرجع علي، فقال: يا رسول الله! إنّه لم يره. فقال النبي : «إنّ هذا وأصحابه يقرءون القرآن، لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدّين كما يمرق السّهم من الرّمية، ثمّ لا يعودون فيه حتىٰ يعود السّهم في فوقه، فاقتلوهم هم شرّ البرية».

قلت: هذا الحديث إسناده ضعيف؛ فيه: شدّاد بن عمران القيسي، مجهول الحال، اختلف في نسبته، فذكره البخاري وقال: «القشيري من قيس»([2]). وكذا نسبه ابن أبي حاتمٍ([3]).

وذكره ابن حبان وقال: «شداد بن عبد الرحمن، أبو روبة القشيري، يروي عن أبي سعيد الخدري، روىٰ عنه أبو حنيفة، وقد قيل: شداد بن عمران»([4]). ثم ذكره في موضع آخر علىٰ أنه غيره، فقال: «شداد بن عمران التغلبي، أبو روبة، يروي عن حذيفة، روىٰ عنه يزيد بن عبد الله الشيباني وجامع بن مطر، وليس هذا بأبي روبة الذي روىٰ عنه أبو حنيفة»([5]).

ونسبه الحافظ ابن حجر ثعلبياً، وقوىٰ الحافظ ابن حجر أنهما رجل واحد، واختلف في اسم أبيه ونسبه([6]).

قال السّندي: «لا يخفىٰ ما في ظاهره من البعد؛ إذ كيف يكره أبو بكرٍ ثمّ عمر قتل من أمر النبي  بقتله، وقد جاء أنّ عمر استأذن في قتل من قال: إنّ النبي  ما عدل في القسمة، وكذا خالد بن الوليد، والنبي  ما أذن في قتله، وعلّل ذلك بأنه مصلٍّ، والذي يظهر أنّ هذا الرّجل المذكور في هذه الأحاديث هو ذاك الرّجل الذي جاء فيه أنه استأذن عمر في قتله وخالدٌ، ولا يخفىٰ أنّ استئذان عمر في قتله أصحّ وأثبت من هذه الأحاديث، فهذا يقتضي أنّ في هذه الأحاديث شيئاً، ومن نظر في اختلاف عنوان الواقعة في هذه الأحاديث لا يستبعد ما قلنا، والله تعالىٰ أعلم» اهـ.

 

([1])        «المسند» (11118).

([2])       «التاريخ الكبير» (4/226).

([3])       «الجرح والتعديل» (4/329).

([4])       «الثقات» (4/357).

([5])       «الثقات» (4/358).

([6])       «تعجيل المنفعة» (1/637).