الطمأنينة في الصلاة
22-02-2023
عدمُ الاطمئنان في الصلاة؛ سواء كانت فريضة أم نافلة، وقد دلَّت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله ﷺ على أنَّ الطمأنينة ركنٌ من أركان الصلاة، لا تصحُّ الصلاة بدونه، وهي الركود في الصلاة والخشوع فيها، وعدم العجلة، حتى يرجع كل فقار إلى مكانه، وكثير من الناس يُصَلِّي في رمضان صلاة التراويح صلاة لا يعقلها، ولا يطمئنُّ فيها؛ بل ينقرها نقرًا، وهذه الصلاة على هذا الوجه باطلة، وصاحبها آثم غير مأجور.
ومن الأُمُور التي قد يخفى حكمها على بعض الناس: ظنُّ بعضهم أن التراويح لا يجوز نقصها عن عشرين ركعة، وظنُّ بعضهم أنه لا يجوز أن يزاد فيها على إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، وهذا كله ظنٌّ في غير محله؛ بل هو خطأ مخالف للأدِلَّة.
وقد دلَّت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله ﷺ على أن صلاة الليل موسَّع فيها، فليس فيها حد محدود، ولا تجوز مخالفته؛ بل ثبت عنه ﷺ أنه كان يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة[1]، وربما صلى ثلاث عشرة، وربما صلى أقل من ذلك في رمضان وفي غيره، ولما سُئل ﷺ عن صلاة الليل، قال: ((مثنى مثنى، فإذا خشي أحدُكم الصبحَ صلى ركعة واحدة، توتر ما قد صلى))؛ متَّفق على صحته.
ولَم يُحدد ركعات معيَّنة، لا في رمضان ولا في غيره؛ ولهذا صلى الصحابة - رضي الله عنهم - في عهد عمر - رضي الله عنه - في بعض الأحيان ثلاثًا وعشرين ركعة، وفي بعضها إحدى عشرة ركعة، كل ذلك ثبت عن عمر - رضي الله عنه - وعن الصحابة في عهده[2].
وكان بعض السَّلَف يُصَلِّي في رمضان ستًّا وثلاثين ركعة، ويوتر بثلاث، وبعضهم يصلي إحدى وأربعين، ذَكَر ذلك عنهم شيخُ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - وغيرُه من أهل العلم، كما ذكر - رحمه الله - أنَّ الأمر في ذلك واسع، وذكر أيضًا أنَّ الأفضل لمن أطال القراءة والركوع والسجود أن يُقَلِّل العدد، ومَن خَفَّف القراءة والركوع والسجود زاد في العدد، هذا معنى كلامه - رحمه الله.
ومَن تأمَّل سنّته ﷺ علم أن الأفضل في هذا كله هو صلاة إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة في رمضان وغيره؛ لكون ذلك هو الموافق لفِعْل النبي ﷺ في غالب أحواله؛ ولأنه أرفَق بالمصلِّين، وأقرب إلى الخشوع والطمأنينة، ومَن زاد فلا حرج ولا كراهة كما سبق، والأفضل لِمَن صلى مع الإمام في قيام رمضان ألا ينصرف إلا مع الإمام؛ لقول النبي ﷺ ((إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف، كَتَبَ الله له قيام ليلة))[3].
[1] متفق عليه.
[2] رواه مالك في "الموطأ"، ج1/ص138.
[3] رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي "مشكاة المصابيح" ج1/ص406، وهو الحديث رقم (1298).