مِنَ الخلافةِ إلىٰ المُلكِ
21-03-2023
مِنَ الخلافةِ إلىٰ المُلكِ:
وعِندَما انْتَقَلَ الأمرُ إلىٰ معاويةَ تحولتِ الخلافةُ إلىٰ المُلكِ.
قال سفينةُ أبو عبدِ الرحمـٰـنِ مَولَىٰ رَسُولِ الله: قَالَ رَسُولُ الله: «خِلافةُ النّبوَّةِ ثَلَاثُونَ سنةً ثُمَّ يُؤتِي اللهُ مُلْكَه مَنْ يَشَاءُ».
قَالَ سَفِينةُ: «خِلَافةُ أَبي بَكرٍ سنتانِ، وخِلافةُ عُمَرَ عَشرُ سِنينَ، وخِلَافةُ عُثمانَ اثنتا عشرةَ سنةً، وخَلَافةُ عليٍّ سِتُّ سِنينَ»([1]).
وعندما نرْجعُ إلىٰ كُتُبِ التَّاريخ نَجِدُ أَنَّهُم يَذْكُرُونَ أَنَّ أَبا بَكْرٍ حَكَمَ سَنتين وثلاثةَ أَشْهُرٍ، وعُمَرَ عشرَ سنواتٍ وَشَهْرَينِ، وعُثمانَ اثنتي عشرة سنةً وأربعةَ أشهر، وَعليّاً أربعَ سنواتٍ وتسعةَ أَشْهُرٍ، والحَسَنَ ستةَ أشْهُرٍ، ومَجْمُوعُها ثَلَاثُونَ سنةً.
قَالَ ابنُ كثيرٍ رحمه الله: «تَنَازلَ الحَسَنُ في رَبيعٍ الأوَّلِ سنةَ إحدىٰ وأربعينَ، وذلك كَمَالُ ثَلَاثينَ سنةً من وَفَاةِ النَّبيِّ»([2]).
وعن أَبي عُبيدةَ عَامرِ بنِ الجَرَّاح قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله: «أَوّلُ دِينِكُم نُبُوَّةٌ ورَحْمةُ، ثُمَّ مُلْكٌ ورَحْمةٌ، ثُمَّ مُلْكٌ أَعفرُ، ثُمَّ مُلْكٌ وجَبَرُوتٌ»([3]).
وقَولُه: «أَوَّلُ دِينِكُم نُبوَّةٌ ورَحْمَةٌ» أي: إمامةُ النَّبيِّ لِلْمُؤمنيِنَ، ثُمَّ إمامةُ أَبي بكرٍ، وعُمَرَ، وعُثمانَ، وعَليٍّ، والحسنِ، ثم قَالَ: «مُلْكٌ ورَحْمةٌ» وهو عَهْدُ مُعَاويةَ، ثم «مُلْكٌ أَعْفَرُ» من «التَّعْفِيرِ» وهو الالتصَاقُ بِالتُّرَابِ، وهو ذَمٌّ لَه كَقَولِهِم: تَرِبَتْ يَدَاكَ وهو ضِدُّ العُلُوِّ والرِّفْعةِ، ثم «مُلْكٌ وجَبَرُوتٌ» وهذا يَنْضَبِطُ بِمَا بَعد مُعَاويةَ سواء في مُلْكِ «يَزِيدَ» أو الذي بعدَ «يَزِيدَ» عَدَا عُمَرَ بن عبدِ العَزيزِ.
([1]) أخرجه أحمد (٤/٢٧٣)، بسند صحيح، وأبو داود (٤٦٤٦).
([2]) «البداية والنهاية» (٨/١٧).
([3]) أخرجه الدارمي (٢/١١٤)، رجالُهُ ثقاتٌ، إلا أنه قِيْلَ: إنَّ مكحولاً لَـمْ يسمعْ مِن أبي ثَعلبةَ الخشنيِّ، راوي الحديث عن أبي عبيدة.