بَابُ مَنْ أَقْسَمَ عَلَى أَخِيهِ ليُفْطِرَ فِي التَّطَوُّعِ وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ قَضَاءً إِذَا كَان
04-03-2023
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ حَدَّثَنَا أَبو العُمَيْسِ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: آخَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فَرَأَى أُمَّ الدَّرْداءِ مُتَبَذَّلَةً فَقَالَ لَهَا: مَا شَانُكِ؟ قَالَتْ: أَخُوكَ أَبو الدَّرْدَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا فَجَاءَ أَبو الدَّرْدَاءِ فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا فَقَالَ: كُلْ قَالَ: فَإِنَّي صَائِمٌ قَالَ: مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَاكُلَ قَالَ: فَأَكَلَ فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبو الدَّرْدَاءِ يَقُومُ قَالَ: نَمْ فَنَامَ ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ فَقَالَ: نَمْ فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيلِ قَالَ سَلْمَانُ: قُمِ الآنَ فَصَلَّيَا فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: إِنَّ لِرَبَّكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَلأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقًّ حَقَّهُ فَأَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «صَدَقَ سَلْمانُ».
الشرح:
قول المصنف في الترجمة من أقسم على أخيه ليفطر في التطوع نقول: الحديث ليس فيه أن سلمان أقم على أبى الدرداء ولكن وقع هذا في بعض طرق الحديث والمصنف كعادته: أنه يترجم لبعض ما يقع في طرق الحديث وإن لم يقع له في كتابه؛ لأن له شروطًا فيما يدخله في صحيحة، فسلمان أقسم على أبي الدرداء بالفطر كما عند ابن خزيمة وابن حبان والطبراني وغيرهم كما ذكر الشارح.
شرح الحديث:
لما وفد النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة آخى بين المهاجرين والأنصار وكانت هذه المؤاخاة في أول الإسلام يثبت بها التوارث ثم نُسخت وبقيت الأخوة الإسلامية يكتفي بها على ما كان في أول الأمر.
قوله: (فرأى أم الدرداء متبذلة) أي: قد لبست ثياب المهنة؛ لأنه لما كان أبو الدرداء يصوم النهار ويقوم الليل ولم يعاشر أهله فلم تحتج إلى لبس الملابس الجميلة وبناء على ما ورد في بعض طرق الحديث أن سلمان أقسم على أبي الدرداء بأن يفطر، فيكون فطر أبي الدرداء من باب إبرار القسم وإبرار القسم قيل بأنه واجب وقيل: إنه مستحبٌّ وهو الصواب.
وقول المصنف في الترجمة: (ولم ير عليه قضاء إذا كان أوفق له) نقول: نعم هذا هو الصحيح إذا أفطر في التطوع فليس عليه قضاء وإن شاء قضى وإن شاء لم يقض والإنسان يراعي المصالح في مسألة الفطر وقطع النفل فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - زار أمَّ سليم ولم يفطر وسوف يأتي هذا الحديث في الأبواب القادمة.
- الحافظ ابن حجر ذكر فوائد كثيرة في الفتح تراجع للفائدة. (ج 4 /ص 269 - 270/ ط. دار السلام).