وَقَالَ عُمَرُ - رضي الله عنه - لِنَشْوَانٍ فِي رَمَضَانَ: وَيْلَكَ وَصِبْيَانُنَا صِيَامٌ فَضَرَبَهُ
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ المُفَضَّلِ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ ذَكْوَانَ عَنِ الرُّبَيَّعِ بِنْتِ مُعَوَّذٍ قَالَتْ: أَرْسَل النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الأَنْصَارِ (مَنْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ وَمَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فَليَصُمْ) قَالَتْ: فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ وَنُصَوَّمُ صِبْيَانَنَا وَنَجْعل لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ العِهْنِ فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ على الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ ذَاكَ حَتَّى يكُونَ عِنْدَ الإِفْطَارِ.

الشرح:
شرح التعليق:

هذا الأثر عن عمر جزم به المؤلف وهو صحيح.
قوله: نشوان، أي سكران.

معنى الأثر عن عمر، أي أن الصبيان عندنا صائمون وأنت رجل مكلف وتشرب الخمر في رمضان فضربه عمر.

 

شرح الحديث:

هذا الحديث كان عند أول الهجرة في السنة الأولى عند أول شرعية صيام يوم عاشوراء والأمر به.

ففي هذا الحديث تمرين الصبية على الصيام وأمرهم عليه حتى يتمرنوا عليه والمراد بالصبية، أي المطيقين.

مسألة:
قد جاء في بعض ألفاظ حديث صيام الصبيان في عاشوراء حديث ضعيف فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عند صيام عاشوراء نهى عن إرضاع الأطفال، وتفل في أفواههم ويأمر أمهاتهن ألا يرضعن إلى الليل.
وهذا الحديث لا يصح في سنده مجاهيل، وقد رواه ابن خزيمة وأبو يعلى فالصحيح أن الأمر مقتصر على الصبية المطيقين.
قوله: (فنجعل لهم اللعبة من العهن)، في هذا فائدة وهي تسكيت الطفل وقال شيخنا ابن عثيمين: أن تسكيت الصبي إذا صاح بشيء طيب ومن ذلك أن الصبي قد يعثر ويسقط على الدرج فقال الشيخ محمد: فإنه أي والد هذا الصبي يضرب هذا الدرج؛ لأن الصبي يحصل له التشفي من هذا الدرج ويحصل له الأريحية من ذلك وقال الشيخ أيضًا: إن ضرب الجمادات لا بأس به من باب التأديب فموسى لما هرب الحجر بثوبه لحقه فأمسكه فضربه عدة ضربات وهى لا تؤثر في الحجر وأن كان فيه ندب من ضرب موسى كما قال أبو هريرة فعلى كل حال إذا كان هذا يصلح مزاج الصبي فإنه يفعل ذلك ولا حرج في ذلك.


وفيه من الفوائد: جواز اتخاذ اللعبة من العهن وهو الصوف وجمهور أهل العلم كما نقله القاضي عياض في شرح مسلم وغيره على جواز اتخاذ لعب الأطفال من ذوات الأرواح وقال بعضهم: إن اللعب القديمة لم تكن على الصفة الموجودة الحالية من تدقيق الصورة، ولهذا الأفضل أن لا يكون الوجه موجودًا إما دائرة أو ما أشبه ذلك فلا يكون هناك شيء من التقاسيم، وإلا جمهور أهل العلم على جواز ذلك ولأنها ممتهنة ولأنها إذا صارت كذلك فلا تحصل المفسدة التي تخشى من المصورات.



وفي هذا الحديث من الفوائد: مستند لشيخ الإسلام في أنه إذا قامت البينة في النهار أنه يلزم الإمساك ولا يلزم القضاء، وقال؛ إنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر الناس في عاشوراء بقضاء ذلك اليوم، وحديث القضاء جاء ولكنه لا يثبت، وفي ذلك أورد على شيخ الإسلام أن هناك فرق بين بداية التشريع وقيام البينة ففي مسألة الصيام فشهر رمضان مفروض على المسلمين، وقد استقر عليه الدين ثم إذا تأخرت البينة فإنهم يمسكون ويقضون أما بداية التشريع فلم يؤمروا إلا الآن فحينئذ ليس لهم إلا الإمساك فقط وشيخ الإسلام يقول: لا فرق بين بداية التشريع وبين قيام البينة لا فرق في العفو قبل ذلك وذلك؛ لأن البيّنة تتبع العلم ولم تحصل البينة إلا في أثناء النهار فحينئذ لم يؤمروا بالقضاء.
وخلاصة الأقوال في هذه المسألة:
1 - قيل: إنهم يلزمون بالإمساك مع القضاء وهذا هو قول الجمهور وهو الصحيح.
2 - وقيل: يلزمون بالإمساك ويعتدون به دون القضاء وهذا قول شيخ الإسلام وذهب إليه ابن حزم وجماعة.

3 - وقيل: لا يلزمون بالإمساك لأنهم سوف يقضون هذا اليوم على كل حال ولكن يؤمرون بالقضاء وهذا أضعف الأقوال.